
في خطوة نوعية للحفاظ على إرث المنطقة، اعتمدت هيئة تطوير المنطقة الشرقية منهجية دقيقة وعلمية لترميم المباني التاريخية، تهدف إلى صون أصالتها وهويتها الثقافية. تستند هذه المنهجية إلى أرقى الممارسات والمواثيق العالمية مثل “ميثاق البندقية” و”ميثاق بورا”، وتفصّل في “دليل السياسات والإرشادات” الخاص بها، استناداً إلى الدليل السعودي المتخصص لترميم مباني الطين والحجر.
تتصدى السياسات الجديدة للتحديات الفنية والأخطاء الشائعة في الترميم، وعلى رأسها الاستخدام الخاطئ للياسة الأسمنتية والدهانات الحديثة التي تمنع الجدران التقليدية من “التنفس”، ما يؤدي إلى تراكم الرطوبة وتسريع تلف المباني. لذا، فرضت الهيئة حظراً تاماً على استخدام الأسمنت في جميع مراحل الترميم، مشددة على ضرورة الاعتماد على المواد المحلية الأصيلة والمتوافقة مع طبيعة البناء، مثل الطين والجص.
كما تتضمن الإرشادات إزالة الإضافات غير المتجانسة التي طرأت على المباني بحذر شديد، لاستعادة الطبقات الأصلية. وللحفاظ على المشهد البصري التاريخي، ألزمت الهيئة بإخفاء التمديدات الكهربائية تحت الأرض، وابتكار حلول لمعالجة وحدات التكييف الخارجية بما لا يشوّه الواجهات الأثرية.
وشددت الهيئة على أن أعمال الترميم يجب أن تُنفذ حصرياً بواسطة حرفيين متخصصين ومعتمدين من هيئة التراث، لضمان تطبيق التقنيات التقليدية بأعلى مستويات الدقة والجودة. تؤكد الهيئة أن هذه المنهجية المتكاملة ليست مجرد تجديد شكلي، بل هي إحياء حقيقي للمباني التراثية، يحافظ على قيمتها التاريخية والفنية ويضمن استدامتها كجزء حيوي من هوية المنطقة للأجيال القادمة.