ألقى محمد بن الفقيد الراحل سماحة العلامة الشيخ كاظم بن ياسين الحريب، يوم الجمعة في جامع الإمام الجواد عليه السلام بالمنيزلة، كلمة مؤثرة أمام جموع من المشايخ وأهالي البلدة، بمناسبة رحيل والده سماحة الشيخ كاظم الحريب رحمه الله، الذي انتقل إلى جوار ربه يوم الأربعاء، وتم تشييعه الخميس في موكب مهيب حضره الآلاف من أهالي المنيزلة ومحافظة الأحساء، يتقدمهم جمع من طلبة العلوم ووجهاء المجتمع.
ذكر محمد خلال كلمته أبرز ذكرياته مع والده، متحدثاً عن حياته الممتدة لأكثر من ستين عاماً في خدمة الدين والوطن والمجتمع، ومؤكداً أن سيرته ستبقى منارة تهتدي بها الأجيال.
وقال محمد: “أقف أمامكم اليوم وقلبي مثقل بالفقد، لكنه عامر بالرضا والإيمان. والدي لم يكن مجرد أب، بل كان نوراً يحتذي به القلب، ومعلماً يزرع فينا الصدق والرحمة والإيمان. عاش عمره كله في سبيل الله، مخلصاً لأهله، محباً لوطنه وبلدته المنيزلة، التي كان يراها جزءاً من كيانه.”
وأضاف: “نعم، لقد انطفأت شمعة كاظم، لكنها لم تنطفئ إلا لتشعل بعدها مئات الشموع التي أنارت قلوب الناس بعلمه وخلقه وصدق مشاعره وحبه الصافي لكل من حوله. رحل جسده، لكن أثره باقٍ في كل بيت، ويتجسد هذا الأثر بدعائكم له وفي كل قلب عرفه.”
واستذكر محمد ابتسامة والده التي كان يراها الجميع، فقال: “كان واسع الصدر، عميق الصبر، رقيق القلب، مبتسماً أمام الناس، ولم نكن ندرك إلا الآن أن تلك الابتسامة كانت تخفي حزناً عميقاً وألماً كبيراً، لكنه لم يشاركه مع أحد، حتى أقرب الناس إليه.”
وتطرق محمد إلى وصايا والده التي رددها طوال حياته، قائلاً: “أوصاني والدي بأن أحفظ لأهل المنيزلة قدرهم ومودتهم، فهم سندي وعشيرتي، وأن أعتصم بالدين في السر كما أكون له في العلن، لأن الدين لا يُحفظ بالرياء أو المظاهر، بل بالإخلاص بين العبد وربه.”
وأشار محمد إلى التفاني الصامت الذي كان يتميز به والده في خدمة الناس، فقال: “كان يحمل هموم الناس دون أن يثقل أحداً بها، يسمع للجميع، ويساعد من يحتاج دون أن يظهر معاناته الخاصة. كان يخفف عن الآخرين ويصون كرامتهم بصمت الصالحين.”
واختتم محمد كلمته بالدعاء لوالده الراحل، سائلاً الله أن يجعل قبره روضة من رياض الجنة، وأن يثيبه على ما قدمه من علم ودعوة وخلق، ويربط على قلوب أهله ويجمعهم على المحبة والوحدة كما كان والده يتمنى. كما قدّم الشكر لكل من شارك في مراسم الدفن وقدم الدعم والمواساة للعائلة، مؤكداً أن حضورهم كان مصدر عزّة وسند لهم في هذه اللحظات الصعبة.
وفي ختام الكلمة، تلا محمد أحد الأدعية التي كان والده سماحته يكررها دائماً:
“اللهم أصلح لي ديني فإنه عصمة أمري، وأصلح لي آخرتي فإنها دار مقري، وإليها من مجاورة اللئام مفري، واجعل الحياة زيادةً لي في كل خير، والوفاة راحةً لي من كل شر.




