نعى سماحة الشيخ يوسف إبراهيم الخضير المربي الفاضل العلامة الشيخ كاظم بن ياسين الحريب في كلمة تعزية خطّها بصدقٍ وألمٍ، عبّر فيها عن عمق الحزن والأسى لفقد قامةٍ علميةٍ واجتماعيةٍ كبيرةٍ عُرفت بإخلاصها في أداء رسالتها الدينية والإنسانية، وبعطائها اللامحدود في خدمة المجتمع.
وتحدّث سماحة الشيخ يوسف إبراهيم الخضير في كلمته عن عمق العلاقة الروحية والفكرية التي ربطته بالفقيد الراحل، مستعرضًا ملامح سيرته ومسيرته التي أفنى فيها عمره في سبيل الإصلاح، وبناء الإنسان، ونشر قيم المحبة والتآلف بين أبناء المجتمع. كما دعا أبناء المنيزلة، وخصوصًا الشباب والكوادر العاملة، إلى مواصلة طريق الشيخ الراحل، والسير على نهجه في البذل والعطاء، ليظلّ إرثه الإنساني حاضرًا في القلوب والأعمال
وفيما يلي نص التعزية:
تعزية (الشيخ يوسف إبراهيم الخضير)
طلّاب العلم والشّباب العاملين، وأهالي بلدة المنيزلة عامةً، عظّم الله أجوركم في الفقيد السعيد المرحوم العامل بعلمه، فقيد الفقراء، فقيد الأرامل والمحتاجين، فقيد الإصلاح، فقيد المنطقة سماحة الشيخ كاظم الحريب طاب ثراه وقدّس الله نفسه الزكية.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله مساءكم وأطال الله في أعماركم شبابنا الغيارى، شبابنا المؤمنين الأخيار، أوجّه رسالتي إلى أهالي المنيزلة لا سيّما الشباب منهم والعاملين والكوادر وتلامذة الشيخ كاظم قدّس الله نفسه وطاب ثراه، عظم الله أجوركم وأحسن الله عزاءكم وأطال في أعماركم.
لم تقصّروا في مراسيم التشييع، فقد رفعتم الراية البيضاء وأرسلتم للناس رسالة بأنكم صفٌ واحدٌ متآزرين متعاونين متحابّين صادقين وفيين مخلصين فاعلين، وليست مجرد شعاراتٍ ترفع، بل أفعال أكثر من كونها أقوال.
وأنا محدّثكم يوسف إبراهيم الخضير أحد أصدقاء الشيخ وزملائه، لما حضرت وشاهدت بأمّ عيني فعلاً، عرفت أن الشيخ قد بنى جيلاً بل أجيال، هذا الجيل يبقى للعطاء وللخير والمحبة والتآلف والتعاون، وهكذا الشاب الواعي العامل.
فهنيئاً لكم بهذا الشيخ، وهنيئاً لكم ببقية المشايخ وطلبة العلم الأعزاء، فإنهم وإن لم يكن بعضهم قد تصدّر في حياة الشيخ فإنه قد حان الآن وقت التصدّر، لأنه إذا قام البعض سقط عن الباقين عبء التصدّي، والشيخ المرحوم كان متصدّيًا، وأما الآن فمن له القابلية والاستعداد فلا تفتل هذه الجماعة، ولا تخيب هذه الأعمال، ولا تتبدّد هذه الصلات، بل تكون أعظم مما كانت إن شاء الله، والمسيرة تتواصل، فمحبتكم للشيخ هي مواصلة ما كان عليه الشيخ من التآلف وإنجاز هذه المشاريع المتعددة.
فهنيئًا لكم، أقررتم أعيننا، وجعلتم بلدة المنيزلة تحتلّ رقمًا وفيًّا مخلصًا، حاملًا لراية الوفاء والصدق، حاملًا لمعنى المحبة والتوادّ والتواصل، فكم أعجبتموني كثيراً، وكم أقررتم عيون الإمام الحجة عليه السلام، لأن الإمام الحجة يسرّه التآلف، ويسرّه التواصل، ويسرّه أرواحنا له الفداء تلاحم المؤمنين، فليس من فقد سماحة الشيخ كاظم الحريب قدّس الله سره هي بلدة المنيزلة، لا والله، بل افتقدته المنطقة بأكملها.
أما منهجه فقد فقده العالم الإسلامي كمنهجٍ إصلاحيٍّ وأسريٍّ بالدرجة الأولى، ولم يقتصر الشيخ على المنيزلة فحسب، بل عاش أبوة المنطقة، عاش المحبة والتآلف، وهذه سيرة الأنبياء والأوصياء والصالحين والعاملين، والشيخ هو أفعالٌ أكثر مما هو أقوالٌ، ورجلٌ ينأى بنفسه عن البروز، وكأنّ الشيخ بعث من جديدٍ، وحيا من جديدٍ، وحيا في النفوس.
وكما يقول أمير المؤمنين عليه السلام: “العلماء أعيانهم مفقودةٌ وآثارهم في النفوس موجودةٌ”، ومن باب “هلك خزّان الأموال والعلماء باقون ما بقي الدهر”، فهنيئًا لكم وبارك الله في بلدٍ أنجبت مثل هذا العالم الجليل العامل بعلمه، المخلص بعمله، المتواصل في محبته، الوفيّ في أخوته، فرحمه الله رحمة الأبرار.
وأجدّد قولي لكم: أن تآزروا، وأن تواصلوا، وأن واصلوا المسيرة، فبلدة المنيزلة بلد نجباء أوفياء، وقد عرفتهم منذ القدم، لنا فيهم معارف وأصدقاء أوفياء، فرحم الله من مضى منهم وحفظ من بقي منهم، وأتمنى أن تصل رسالتي لشباب المنيزلة الواعدين المخلصين تلاميذ الشيخ وأصدقاء الشيخ وأحباء الشيخ ورفقاء الشيخ ومن تعاون مع سماحة الشيخ كاظم الحريب طاب ثراه.
فهنيئًا لكم وأجدّد عزائي لكم وأقول لكم عظّم الله لكم الأجر وأحسن الله لكم العزاء، وقدّس الله نفسه وطاب ثراه، وجعلكم خير خلفٍ لخير سلفٍ، والفاتحة لروحه الطاهرة وأرواح أسلافه وأرواح المؤمنين والمؤمنات مسبوقةٌ بالصلاة على محمدٍ وآل محمدٍ.
يوسف إبراهيم الخضير
١٤٤٧/٥/٤ هجري





