من ذاكـرة التـاريخ
أحداث ومواقف لا تنسى
الحلقة السابعة
المرحوم الحاج / محمد بن إبراهيم السعيد (1325 هـ -1382هـ )
هو الحاج / محمد بن إبراهيم السعيد من مواليد بلدة المنيزلة حفيد عائلة أصيلة ومتأصلة تمتد وتضرب بجذورها لمئات السنين ، وفقيدنا هذا ولد من رحم هذه العائلة العريقة وهؤلاء الرجال خدموا ولا زالوا يخدمون إلى أيامنا هذه ، واحد هذه الرجال هو المرحوم الحاج محمد السعيد الذي لم يعلم احد ممن عاصروه انه لم يجازا ولوا بدفنه في مقبرة بلدته المنيزلة ليكون بالقرب منهم ، كي يشاركون في تشييعه ويطلبون له الرحمة والمغفرة وينظرون إلى جسده يحمله المؤمنون متوجهين به إلى قبره عند أهله وأحبابه ، ولكنه القدر الذي لا بد منه ، لبى المرحوم محمد السعيد نداء ربه وقرر الذهاب إلى الحج قال تعالى ، بسم الله الرحمن الرحيم : ( وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ) .
[caption id="" align="alignleft" width="347"] جبل الرحمة - عرفة[/caption]
فأخذه الشوق وحمل معه حرمه ام حسين رحمها الله وابنه الصغير عبد ( عبدالجليل ) إلى مكة وبالتحديد إلى بيت الله العتيق كي يؤدي فريضة الحج ويتنقل بين مشاعرها ، يطوف القدوم ويسعى بين الصفا والمروة ويطوف النساء ويرمي الحجر ويقيم بمنى وعرفات ويبيت بمزدلفة ويذبح الهدي ويحل من الإحرام يوم العيد ( النحر ) ، دون المرحوم اسمه من ضمن الذين عزموا على أداء فريضة الحج لعام 1382هـ قبل أكثر من ( 53 سنة ) ، فجهز إحرامه وكل ملابسه وما يحتاجه من مستلزمات الحج ، ركبوا الحافلة التي سوف تتوجه بهم إلى المدينة المنورة لزيارة النبي (ص) وأهل بيته (ع) وبالفعل وصلوها وأقاموا عـدة أيام ، بعدها حملوا أمتعتهم وتوجهوا إلى مكة ، وصلوها بعد يوماٌ شديد الحرارة ، اخذوا في الاستعداد للأعمال التي يقوم بها الحجاج ، بأشراف الشيخ (المعلم) المسئول عن الحملة ، أدوا مناسك الحج في سهولة ويسر دون أي حوادث تذكر ، احلوا من إحرامهم شكروا الله على إتمام الحج ودعوا الله أن يتقبل منهم ، ذهب من ذهب منهم لشراء بعض الهدايا للأهل والأحبة من أسواق مكة الشهيرة بجانب الحرم ، ثم رتبوها وحزموا أمتعتهم استعداداٌ للسفر والعودة لأرض الوطن ، اخذ كل واحد منهم المكان المخصص له بالحافلة التي سوف ترجعهم إلى بلدتهم ، بعد سويعات من انطلاق الحافلة توقفت
على أصوات الحجاج أن احدهم ويدعى الحاج محمد السعيد يتمرض أصابته حمى (حرارة) شديدة وضعف في الجسد ، وكان ذالك في منطقة تسمى ( المديفن )على بعد عدة كيلو مترات من مكة ، تم إسعاف الحاج محمد إسعاف أولي ، استنفر الحجاج كلا اخذ يعمل أو يفكر في طريقة يمكن من خلالها إنقاذ حياة الحاج محمد علهم يعودون به إلى أهله وأحبابه معافى ، ازدادت حالته سوء فلفظ أنفاسه الأخيرة هناك ، فعلم الجميع بالخبر ، فكانت المأساة عندهم لفقدهم احد زملائهم وابن بلدتهم ، على الحجاج الهم والكآبة ذرفت أعينهم الدموع وتساقطت على الأرض مسحوها ثم دمعت ثانية معلنة الحزن والحداد على الحاج محمد وهم ينظرون إليه جثة هامدة ، تشاوروا أين يدفنوه يرجعون به إلى مكة أم يدفنونه هنا في مكانه ، وكان الجو شديد الحرارة فاتفقوا على دفنه في منطقة الدفينة ( المـديـفـن ) ، جهز ثم صلي عليه ودفن هناك وكان ذالك نهاية سنة 1382هـ ، قبل بداية شهر محرم بأيام قليلة .
عادت القافلة إلى أرض البلدة وأشيع الخبر فحزن الناس عليه بالخصوص أبنائه الأربعة ، الحاج حسين محمد السعيد المتوفى ( سنة 1411هـ ) والحاج احمد محمد السعيد والحاج عبدالله محمد السعيد والحاج عبد (عبد الجليل ) محمد السعيد ، وله أيضاٌ ابنة توفيت وهي صغيرة ، فقاموا بالواجب ونصبوا له العزاء وقراءة الفاتحة لروحه واستقبال المعزين بفقيدهم ، انزل الله عليه شئابيب الرحمة وغفر له وحشرة مع من يحب إنه سميع مجيب.
إبراهيم حسين البراهيم
الأحساء – المنيزلة
1 / 12 / 1435 هـ