في كل حقبة زمنية تواجه المجتمعات البشرية تفشي ظواهر سلبية (اجتماعية أو فكرية أو ثقافية أو اقتصادية أو رياضية) ومن خلالها يتضح حس المسؤولية الجماعية لدى أفراد المجتمع وبالأخص النخب الفكرية، وذلك بالقيام بدراسة تلك الظاهرة وإيجاد الحلول بعد دراسة الأسباب.
وتختلف عقليات الأفراد بالتعاطي مع تلك الظواهر؛ فالبعض يكون دوره تسليط الضوء على المشكلة بإبرازها فقط دون معالجتها، بل إن البعض يأخذ دور الندابة؛ لتفريغ طاقاته السلبية ونشرها في المجتمع من خلال وسائل التواصل الاجتماعية والمجالس دون معالجة المشكلة بالبحث عن الأسباب و الآثار والعلاج الناجح.
بينما نجد في الطرف الآخر هواة إبراز صراع الأجيال، بالدخول بالمقارنات بين الأجيال السابقة بتصويرهم بالجيل الملائكي المعصوم وتصوير الأجيال المعاصرة بالتخلف والرذيلة الفكرية والأخلاقية.
وأما البعض فإن دوره يقتصر على رمي التهم تجاه الآخرين من رجال دين ونخب فكرية واجتماعية و غيرهم بقصد إبراز الذات بصفة الشجاعة والمثالية.
وهنالك شريحة أخرى يقتصر دورها على شن الغارات الهجومية القاسية والمنفرة لأصحاب السلوكيات السلبية لاعتقادها بإحسان الصنع.
ولا ننسى أصحاب النظرة الأحادية، التي تنظر بعين واحدة فقط تجاه أطراف تلك الظواهر وتحمل السبب لطرف ما.
وبينما نجد في واقع الطرح العلمي لعلاج الظواهر السلبية في شتى المجالات، لا بد للمتحدث من دراسة موضوعية تحليلية لتلك المشكلة بدراسة أسباب نشوئها وآثارها ومعالجتها بطريقة ملائمة للمجتمع، لا كما يتوهم البعض باستيراد الحلول من المجتمعات الأخرى، بمعالجتهم لتلك الظاهرة ومحاولة تطبيقها كلياً على المجتمع، فهذا الأمر لا يتوافق مع اللغة العلمية؛ لأن عملية علاج الظواهر السلبية تختلف باختلاف المجتمعات زمانياً ومكانياً وثقافياً، فالمجتمعات الإنسانية لا تسير على وتيرة واحدة في تغيرها ولا على طريقة متشابهة مع بعضها، فلكل مجتمع ظروفه الخاصة، والتي تميزه عن غيره من المجتمعات.
وفي الختام لابد من طرح عدة تساؤلات :
هل أننا كمجتمع لديه الجرأة على التعاطي مع كافة الظواهر السلبية أم أننا نعتبر ذلك من الخطوط الحمراء والتي لا يحق للفرد الخوض فيها؟
ثم هل إن البعض قد يمارس تسفيه العقول للمجتمع بمحاولته إبراز المشكلة فقط أو التحدث بأسلوب المجالس الفكرية البدائية دون محاولة الخوض العلمي والذي قد يفتقده المتحدث في بعض الأحيان ؟.