تعتبر صفة الحياء من الصفات السامية، وهي خلق رفيع يعبر عن المبادئ والقيم الأخلاقية والاجتماعية التي يملكها الإنسان، والحياء يجعل الفرد يمتنع عن ارتكاب السيئات، وبالتالي يستحي المرء ولا يفعل ما يتمحور حول الرذائل، بل ويراقب نفسه وتصرفاته وسلوكياته تجاه الآخرين بين فترة وأخرى، من أجل أن لا يجلب لنفسه المشاكل والمتاعب.
من صور الحياء هي أن يشعر الإنسان بالذنب تجاه ما اقترفه من سوء تجاه الناس، وبهذا عليه أن يستحي من نفسه ويحاسبها بسبب الذنب الذي ارتكبه.
ومن صور الحياء أن لا يحسد المرء أو يحقد على الآخرين من خلال التصيد على الأخطاء الخاصة بهم، وهناك صور أخرى، ومنها أن ينتقي الفرد الكلام بحذر قبل أن يتفوه به أمام الناس، فهو مطالب بأن يتجنب التلفظ بما هو سيئ، كي لا يؤدي لسخط الله عز وجل عليه، فيسلب عنه الراحة والطمأنينة، بالإضافة لكشف عيوبه أمام البشر فيتم الإطلاع عليها، لذا على الإنسان أن يكون هادئا؛ حتى يجعل الآخرين لا يأخذون عنه انطباعاً سلبيا عند لحظة اللقاء منذ الوهلة الأولى، وذلك كي لا يتحدثون عنه بسوء.
إن هذا الجيل يفتقر لصفة الحياء، فترى فئة من الشباب والأبناء قد ينحرف عن الفطرة السوية، فيقوم بممارسة ما هو غير لائق أمام الآخرين بطريقة مباشرة من دون أن يستحي ويحس بالعار، فانعدام الإحساس بالعار تصاعد بدرجة كبيرة، بسبب وجود المجتمعات المعاصرة الذي تنتشر فيها الأخلاقيات السيئة.
إن فاقد الحياء شيئا فشيئا ينتقل من السيئ إلى الأسوء، فهو من الأشخاص الذين لا يشعرون بأي ذرة من الذنب وتأنيب الضمير تجاه ما يرتكب من سلوكيات وتصرفات غير محببة، فالإنسان يبدأ بارتكاب صغائر الذنوب ثم بعد ذلك يلجأ لارتكاب كبائر الذنوب بأسلوب متعمد إلى أن يملؤه الحقد والحسد، وبالتالي يصبح أنانيا ويستجيب للأهواء.
أصبحت فئة من الشباب والأبناء، تعيش في عصر تصاعدت فيه حالة الحرية الشخصية دون قيود وحدود، ويكون ذلك نتيجة الاستسلام للحضارة المنحرفة والشرائح الاجتماعية التي تحرض شرائح أخرى على نشر السلوكيات والأفكار العدوانية.
نحن كمجتمعات واعية بحاجة لتأصيل ثقافة الحياء، فالتعلم الذي يقوم على اكتساب خلق الحياء يؤدي للتطور الثقافي والحضاري والاجتماعي، وتعزيز القيم والمبادئ الأخلاقية التي تهدف لاحترام الذوق العام والأعراف والعادات الثقافية والاجتماعية السامية.