في العاشر من شهر محرم، يوم عاشوراء، يعيش المؤمنون الشيعة مناسبة عظيمة تحمل في طياتها دروسًا عميقة في الحزن، التضحية، والولاء للإمام الحسين عليه السلام. من أبرز الأعمال التي يُحرص عليها في هذا اليوم هو عدم السعي في حوائج الدنيا، فما المقصود بذلك؟ ولماذا يعتبر ترك الانشغال بالمصالح الدنيوية تعبيرًا عن الوفاء والإخلاص؟
معنى عدم السعي في حوائج الدنيا
المقصود بـ “عدم السعي في حوائج الدنيا” هو الامتناع عن الاشتغال بالأمور الدنيوية مثل العمل، التجارة، أو حتى الانشغال بالمصالح الشخصية والترفيهية. في هذا اليوم، يُفضل التفرغ الكامل للحزن والتأمل في مصاب الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه الذين استُشهدوا في كربلاء.
هذا الامتناع ليس فرضًا شرعيًا، بل هو من الآداب المستحبة التي تُعبّر عن تقدير المصاب وتعظيمه، فالمؤمنون يختارون أن يخصصوا يوم عاشوراء للحزن، الزيارة، والدعاء، بعيدًا عن انشغالات الحياة اليومية.
الأعمال المستحبة في يوم عاشوراء
تتنوع الأعمال التي يستحب القيام بها في هذا اليوم المهيب، ومنها:
- عدم الصيام:
لا يُستحب الصيام في يوم عاشوراء، بل يُكره، ويفضل الإمساك عن الطعام والشراب حتى قُبيل العصر ثم الشرب بقليل من الماء تذكارًا لعطش الحسين. - البكاء والتباكي على الإمام الحسين (عليه السلام):
البكاء من أعظم القربات، ويكفي التباكي حتى لو لم تذرف الدموع. - زيارة الإمام الحسين (عليه السلام):
سواء بالحضور إلى كربلاء أو عن بعد، فزيارة عاشوراء من أهم الأعمال التي تقرب إلى الله. - اللعن على الظالمين:
يُستحب لعن من ظلموا وقتلوا الإمام الحسين (ع) وأهله، تعبيرًا عن رفض الظلم. - إظهار الحزن ولبس السواد:
يُعبر عن الحزن بلبس السواد وترك الزينة والروائح الطيبة. - ترك الضحك، الراحة، وحوائج الدنيا:
وذلك احترامًا للمصاب، والابتعاد عن مظاهر الفرح في هذا اليوم. - إحياء المجالس الحسينية:
الاستماع أو المشاركة في المجالس التي تُذكر فيها مصيبة كربلاء. - اللطم والنياحة:
تعبير جسدي عن الحزن في حدود الشرع. - الدعاء بتعجيل الفرج للإمام المهدي (عج):
حيث يُؤمل أن يأتي الثأر على يد الإمام المنتظر.
ومن أبرز أدعية زيارة عاشوراء (مختصر)
حيث تبدأ الزيارة بالسلام على الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه، ثم تتضمن دعوات للعن الظالمين، والتأكيد على الولاء للحسين (ع) ورفض الظلم، وتختتم بالدعاء بأن يكون المرء من أنصار أهل البيت والمنتظرين لفرج الإمام المهدي (عج).
إن يوم عاشوراء هو يوم يجتمع فيه الحزن العميق مع الولاء الصادق، والامتناع عن السعي في حوائج الدنيا فيه ليس مجرد تقليد، بل هو تعبير حي عن إخلاص المؤمنين وحبهم العظيم للإمام الحسين (عليه السلام).