حديثا كثر الحديث عن الشخص الإيجابي والإيجابية في الحياة، ولعل الكل منا يحب أن يوصف بين الناس على أنه إنسان إيجابي، فالشخص الإيجابي شخص يميل إليه ويحبه الأغلب من الناس؛ لأنه يزرع الأمل في نفوسهم وهم في أحلك الظروف، و يتفوق الإيجابي على الجِراح والنكبات ويبث روح التفاؤل والعطاء في ذات الوقت .
وقد ينجح البعض في أن يتحدثون بروح التفاؤل لعدة أيام أو أسابيع أو أشهر أو سنين ، إلا أن صورة ذلك الإنسان المتحدث إيجابياً في ذهن الآخرين قد تنهار يوما ما؛ بسبب تماطر وتراكم الأنباء السيئة أو قد يوصف بأنه متفائل بإفراط، لامتداد الأزمات في سماء مستمعيه . عمليا بعض الكلام المفرط بالإيجابية والتفاؤل حد اللاواقعية، حتما يخلق نوعا من اهتزاز المصداقية في نظر الآخرين أو إلصاق التهم للمتحدث بالانفصال عن الواقعية، اذا ما كانت الأمور تتدحرج من السيئ إلى الأسوأ، وعلى مدى زمني ليس بالقصير .
نعلم موضوعيا بأن مع تكاثر المصاعب والتحديات المعيشية اليومية التي تقع على البعض ، قد يتأثر البعض وينقلب أو ينجرف نحو مصب السلبية والنظرة السوداوية والافاق المسدودة، حتى لو كان عنده رصيد جيد من الإيجابية في بادئ الأمر، إلا أن تماطر الأحداث السيئة غير المسيطر عليها وتراكمها في رأس أي شخص يزرع تلكم النفسية السلبية وتتجسد لاحقا في أقواله و أفعاله .
هنا نود أن نتكلم وإياكم عن استزراع المهارات الأساسية، في خلق الروح الإيجابية وأدوات ترسيخ مفهوم الإنسان الإيجابي الموضوعي المؤثر .
أورد أدناه بعض تلك السمات والأدوات :
١- التفتيش عن الجوانب الإيجابية في داخل النفس والعقل، وعمل الاستصلاحات الممكنة لها لتجذير الإيجابي وصيانته، قبل تمكن النظرة المتشائمة على العقل أو النفس.
٢- كل شخص له من المشاعر قسطا وله الحق أن يعبر عن حزنه وقت الحزن لبعض الوقت، وفرحه وقت الفرح لبعض الوقت، والشخص الموضوعي يمتلك نظرة أكبر من الحدث أو الحادث العابر، ينظر إلى ما بعد الحدث بإيجابية خلال وبعد تجاوز فترة البلاء.
٢- إحاطة النفس بأكبر قدر من الإيجابيين الموضوعيين وليس بالحالمين النرجسيين، وتجنيب النفس الضغوط المستمرة، بتجنب سماع الشائعات وحتى الأخبار ولو لبعض الوقت .
وتذكر : إذا كان ولا بد من الالتقاء بالسلبيين بسبب صلة القرابة، فيُقال تسلح أمام كل شخص سلبي بشخصين إيجابيين، ويُقال أيضا: بأن الإيجابي الموضوعي أهم مكسب لك في طريق الحياة؛ فالشخص السلبي يُحبط والشخص الإيجابي المفرط يلعب بمشاعرك، كمخدر حبات الهلوسة، فاظفر بصداقة الشخص الإيجابي الموضوعي طابت صداقتك إياه .
٢- إن المبادر يوهب الأحسن مما في قلبه وعقله وإن كان كل شيء سيئ من حوله، ولعل الإنسان الذي يبادر يخفف من كثرة التشكي من غيره، وينشغل بإخراج أفضل ما بداخله.
٣- الإيجابي المؤثر يطرح مقاربات واقعية وليست أحلاما وردية، أو تمنيات معسولة أو كلاما مُنمقا خياليا؛ ولذا قال الحكماء : إن العاقل خصيم نفسه، فكن منهم .
٤- توجيه الطاقات لتقييم الحلول الناجحة، وتفادي تلك التي جُربت ولم تنجح أو التي لم تتمتع بالمصداقية.
٥- تجنب أن تكون الحلقة الأضعف في المجتمع؛ لأن البعض من السلبيين سيلقون اللوم أو السخرية أو النقد اللاذع على الأضعف كونهم يعاملون الحلقات الأضعف مثلما يعاملون مكب للنفايات.
٦- خفف الضغوط والقلق والسرعة التي تجلب القلق؛ لأن القلق يزيد مستوى الضغط والضغط يولد مستوى أعلى من الإحباط، ووقوع الإنسان في تعثراته وزيادة الإحباط تجعله أكثر استئناسا بسماع الأخبار السلبية من باب " من سمع مصايب غيره هانت عليه مصيبته !"
٧- تفعيل خاصية النقد الفكري النافع؛ لكي لا يمرر البعض تنفيساته لاحتقاناته على عقلك.
٨- لنتذكر النعم الإلهية بشكل مستمر؛ لأن ذلك يولد نوعا من الامتنان للخالق والارتباط به، واللجوء إليه والثقة به.
٩- استكشاف أنماط حياة مختلفة للبحث عن الأفضل واستنطاق مهارات جديدة في كل أزمة أو جائحة أو حجر صحي.
وهناك أمور أخرى إلا أنني أكتفي بما أوردت أعلاه .
تذكر بأن بداية جميلة لليوم = يوم سعيد .