كثيرًا ما نُخطئ حين نحكم على الآخرين من ماضيهم أو من لحظة ضعف وقعوا فيها، وكأننا نملك مفاتيح الغيب، أو نعرف الخواتيم. نرى من يُذنب أو يُقصّر فنضعه في خانة "الضال"، بينما ننسى أن *باب التوبة مفتوح*، وأن القلوب بيد الله، يقلبها كيف يشاء.
*الله أرحم بعباده من عباده بأنفسهم*. فقد قال تعالى: *"قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا"* [الزمر: 53]، وهذا وعد صريح بأن المغفرة تشمل كل الذنوب، إذا صدقت التوبة وصحت النية.
ويقول أيضًا: *"إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين"* [البقرة: 222]، فالله لا يغلق بابه في وجه العاصين، بل يدعوهم للحب والعودة، مهما بلغت ذنوبهم.
*كم من عاصٍ أصبح وليًّا!* وكم من غارق في الظلمة استيقظ قلبه بنور هداية، فصار من أولياء الله الصالحين! فالقصص كثيرة، والتاريخ مليء بأمثلة لأناس غيّرت التوبة مسار حياتهم.
وفي الروايات عن أهل البيت (ع): *"التائب من الذنب كمن لا ذنب له"*، أي أن الله لا يكتفي فقط بمحو الذنب، بل يُعيد للعبد مكانته، وكأنه لم يعصِ قط.
من هنا، علينا أن نحذر من *القسوة في الأحكام*، وأن لا نحبط أحدًا بتذكيره بخطاياه كلما حاول النهوض. فمن يدري؟ لعل من تستهين به اليوم، يُصبح غدًا أنقى منك قلبًا، وأقرب إلى الله. *التوبة ليست ضعفًا، بل شجاعة وصدق مع النفس*. ومن تاب، فقد غلب الشيطان، وفتح بابًا للهداية لا يُغلق.
*الخاتمة:* لا تحكم على أحد من ماضيه، فالموازين عند الله تختلف عن موازين البشر. والخواتيم بيد الله، لا بيد الناس. فلنترك مسافة للرحمة، ولنتذكّر أن الله لا ينظر إلى الصور، بل إلى القلوب.