?
ها قد تنفّس الصبح من رئة الزمان يوماً جديدا ! وأسدل ستار الشفافية عن شخصيةٍ ما غيّبها التُرب حين غاب الصوت والصدى، بل زادت مع الرحيل حضوراً ومثولا.
لله دره من رحيل .. من موت
اِيه ِ يا أمي .. لم يزل فقدكِ جاثما على صدر الحنين، هاشما أوسمة الفرح، منكّساً بدايات الكلام، ممتشقا حلاوة اللحظات، منغّصاً هدأة العيش والسلام.
وحدكَ أيا قلمي تلفظ أنفاس الاعتراف وتُفصح عن شخصها المبارك.
استراحت أمي في حياتها تحت مظلة(واستعينوا بالصبر والصلاة) فكان دأبها القيام والانقياد وآداء الفرائض في وقتها، لم يثنها عن قيام الليل شيء، بل تأنس بالقرب، وتؤمن بالحب الأوحد لله تعالى.
ولو كان للصبر قمم وأعلام، شهق ونهايات، لكانت العصماء في القمّة الأبعد ورأس العَلَم الأبرز، تشهد لها القوارير و الحرائر في التجمعات بأنها رقم صعب في القياس، ضرب من خيال في الصبر والاحتساب .
تشهد لها إنارة غرفتها وغطاء نومها المستهلكان بينما الجديد قابع في زاوية الغرفة لم تكترث له. أي قناعة وزهد مُزجا بحلية الصبر وإنها لعلى خُلق عظيم والحمدلله رب العالمين. وإن كانت شهادة الأبناء مجروحة فتشهد لها نساء الحي بجاذبية سحرها المشحون عطفاً وطيبةً وهدأةً وتضوّع نسمة الارتياح من حضورها الذي لم يُورف طويلا. تنبذ الظلم، تمقت الغيبة وتنفض غبار المجلس بالمغادرة إذا حلّت فيه الصفة الذميمة.
حقاً أقول :
كانت مضرب المثل في النزاهة والصدق والحياء والثبات والطيبة اللامنتهاة والشموخ الأبدي.
كانت العصماء قد عَصَمت نفسها من كل نقيصة حتى نالت منزلةً رفيعة. ومما ميّزها ذلك العشق وتلك الوصلة والعلقة واللحمة الممتدة والتي لا تنفك أبدا بحب آل البيت الأطهار، باتت خادمةً لهم بأعمق صورة، منتحبة لمصابهم، مبتهجة لأفراحهم، متخلقة بأخلاقهم، موسومةً بهم. حديثها الدائم هو العطايا والمراد والكرامات ، إرثها الباقي هو أتربة من شتى الأماكن المقدسة ومياه متعددة مصادر بركتها ونفعها في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
قلبٌ أخلص الحب لله وللرسول والآل، وعَرَف الوحشة فادّخر لها ما يليق وتبرّأ - مجانبا - من الذين يكنزون الذهب والفضة.
- هكذا كانت أمي عصماء الحسن
(أم زكي الأحمد)
هنيئا لها طيب المقام في وادي الأمن والسلام.
و لروحها الطاهرة أرجو قراءة الفاتحة مع الدعوات
رحم الله موتانا وموتاكم جميعا
?الأم ..
وحدها تصنع حضارة الإيواء وتجيد لغة الاحتضان
وبحضورها تُسدّ الثغرات وتكتمل الصور والابتسامات ، وعند دقات ساعة الغياب .. لا ظلّ ولا وطن ، تبقى في زوبعة الاغتراب تكابد هم الافتراق وضجيج الحنين يطحن في أضلع الانتظار!
يهتك أسورة الخيال يصل لصورة في المنام أو همس يقظة ، وما إن تمسّه يد الواقع حتى يلتاع ألما ويُمنّي نفسه بحلم جديد.
ندى الأحمد✒
.
التعليقات 2
2 pings
علي عبدالقادر الدليم
2015-08-02 في 4:00 م[3] رابط التعليق
اللهم ارحم العمة الغالية ام زكي الاحمد وأسكنها فسيح جناتك
2015-08-02 في 6:13 م[3] رابط التعليق
أحسنت كلمات الرثاء والفخر والاعتزاز أخت ندى
رحم الله والدتك وأسكنها واسع جنته وحشرها مع الأطهار محمد وآل محمد