في عالمنا الزاخر بالأحداث يتردد الإنسان بين مقاعد متعددة ، ويظل ينتظره مقعد واحد لاينافسه عليه أحد يستقر عليه ختامًا لرحلة انتهت بالدموع ، ولكن رحمة الله تعالى تهمس في أذنيه : بشراكم اليوم ،طبتم وطاب مُقامكم .
في أمان الله نقولها لمن نُحب ، لمن صارع الألم فهانت عليه سكرات الموت وشملته رحمة الله تعالى ، وقاوم حتى الوصول إلى منزله الجديد.
بالأمس سمعتُ صديقتي تتحدث بحسرة عن فقد والدها ، كان الألمُ مقيما بين أحشائها يفتك باللحظات السعيدة ويصنع للحزن أوتادًا غليظة ، وعلى الرغم من مظاهر الرضا بقضاء الله وقدره البادية على صديقتي وذويها إلا أنّ دموعي أبت البقاء في محجرها تقاوم الخروج وأخيرًا أطلقتُ سراحها وبكيتُ بجوارها مُحاولة إخفاء ملامح الحزن التي سرقت بهجة وجهي .
خلتك يا صديقتي تحتاجين جلسات من التنويم المغناطيسي للابتعاد عن ذاكرة فقْد والدك بل كان عليك مسح تفاصيل الأحداث السيئة من ذاكرتك بإدخال بعض الرسائل الإيجابية على ذاكرتك ولا أقصد نسيان والدك -حاشا لله- وإنما محاولة سريعة لبسط الموجز من أثره الطيب واتباع ذلك بالترحم عليه
فكم كان يلهمك أفكارًا صالحة ، ونضجت روحك بين يديه وأشبعك حكمة ثريّة وأصالة في التربية ، كالناس متشابهين وأنت المختلفة في النظر والفكر ، لم يكفه تغذية جسدك بالطعام والشراب فارتقى لتغذية الروح بقوة العلم والمنطق،لقد خرجتِ من بين أحضان أسرة جمعت بين الفضيلة والعلم والصلاح.
أنا أعلم يا صديقتي أن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة فهناك الحزن الذي يتناوب الظهور مع الفرح وخلف أبواب الصّحة يقبع المرض وهناك الموت الذي يغتال الأحبة ، وفقدهم غربة طويلة ، يقول الشاعر:
رأيت الدهر مختلفاً يدورُ
فَلاَ حزْنٌ يَدُومُ ولا سُرُوْر
لذلك لا توجد مشاعر دائمة ،ومن يرى أهل الميت اليوم وهم يندبون ويعددون شمائل فقيدهم سوف يعتقد أنهم وصلوا لطريق مسدود من السعادة ولكن رحمة الله تعالى بالناس تجعل من الصبر الدواء المنقذ لهم ويصبح الرضا بقضاء الله وقدره جابرًا لآلامهم ويرفعهم إلى أعلى مراتب الإيمان .
في نهاية مطاف الألم أدركت أن علينا ألا ننسى أن الحياة خير معلم لنا،فالتجارب المؤلمة التي نمرّ بها والنّدوب العميقة التي تُصيبنا ما هي إلا طرق متسعة لتشكيل ذواتنا .
التعليقات 1
1 pings
وتين
2022-07-29 في 11:22 ص[3] رابط التعليق
مشكلة الاخرين ياعزيزتي لايحبون إلا مشاركة الفرح، فتجدهم ينظّرون في الحزن ويستنكرون الحزن وفقد الأحباب لئلا يقدمون دروس في المواساة والعزاء
الفقد ياعزيزتي لاسلطة لقلوبنا عليه ولنا في ذكرى أبي الشهداء عِبرة وعَبرة
ففي كل عام نرسم مراسم العزاء ونبكي ولانرتضيً الملامة بل نضع الأعذار
فلاتبخسي حزن صديقتك على والدها ليس سخطا وليس تقوقع في حفرة الأحزان ولكن حقّ لها البكاء وحقّ لها تذكر ماكان فأن لم تحزن والدها وتنعاها وأن لم تظهر بعض التحسر والالام لذكراهاا علّ ما علها تحزن
لذا نصيحة للأخوات لاتواسوا الفاقدين بكلمة ذهبوا لمكان أفضل ولاينبغي لكم الجزع
اتركوهم يطلقوا عنان الدموع والحزن على محبيهم وواسوا بلطف وترفق ..