.
يتيمة هي فكرة أن ترتوي من كأس عصير رغم أن الماء خالطه !
كذلك المدرسة بطاقمها عاجزة عن تعليمك رغم أنك موجود في حضرة الدرس ،
هنا تزحف حقيقة أن التعليم ذاتي محض في أساسه والباقي ما هو إلا مساعدات وعوامل لا تبني سدّا ولا تردم جُرْفا ما لم ينتصب الطالب - الراغب والعازم والجاد - في بؤرة الذات ويمسك بيده الكتاب .
وإنه لمن القصور بمكان أن يُنسب النجاح كله إلى القارئ ويُهمل القارب الذي انبسط وسيلة متموجة تارة ومتجنحة تارة أخرى لأجل النجاح .. إنه الكتاب
ما السر فيك رغم تعدد وسائل التعليم من إعلام وغيره ! ما الكينونة التي تحتويك فتجعلك دستور الفهم وسيد الكلم وعرش الحياة المستنيرة للأبد !
لعل السر في ( إنا أنزلنا التوراة فيها هدىً ونور) فكانت البداية ألواح من الصحف المطهرة تبعتها أوراق !
والكتاب أيضا تأسره اللغة، فكم حامل علم إلى من هو أعلم منه، وكم قارئ لفظ لم يفد منه، وكم جاهد في ختامه من غير أن يتبدل الفكرأو يُعمل ليرقى.
تحرره - أي الكتاب - لغة فريدة وهي (القراءة الواعية) مهما اختلفت أغراضها من تسلية إلى معلومية ثم إلى فهم وتعلم ومهما تباينت أساليبها من تفحصية وتحليلية وغيرها فهي تبقى الترياق من سموم الجهل الأرقط الوحشي الدميم المتخاذل.
إن للإنجاز في هذه الحياة صبغة الطاووس وتهافت الورق فهو يعني (أنك تقرأ)
وأن تحب شيئاً من حولك فهذا يعني أن (تقرأ الحب وتحب القراءة)
وأن تغدو أنفاسك سريعة فهي لن تعود إلا باحتضان (كتاب ستقرأه)
وأن تنحني لقبول صداقة أحدهم فهذا يعني أن (تستتر بين دفتي كتاب)
وأن تسامر النفس وتلهو فهذا يعني (أن تتأرجح في ساحة القراءة)
وأن تسافر غريب الدار والأهل فهذا يعني (أن يأويك سطر صفحة بلحاف نقطة)
وأن تنام النهار فهذا يعني (أن تقضي مع اليقظة حلما تحياه مع كتاب)
وأن تكتب بقلمك السيّال فهذا يعني (أنك تقرأ بشكل فعّال)
وأن تحلّق بعيداً فتخترق الزجاج إلى نهايات الأوطان بين الأودية والشطآن فهذا يعني أنك (أرضيت القراءة)
وأن تموت وتستشهد في الوقت الذي تقرأ فهذا يعني (أنك جاحظ آخر !)
يشعر المثقفون بأنهم يدينون للكلمة بالكثير، وهم حين المكث تحت أغشية الكتاب يتفكهون بالمعاني المتدفقة وينتشون رائحة الكلمة حتى إنهم ليسمعون أجراساً ذات أنغام تثيرها (قيثارة الفن والإبداع في القراءة)
القراءة أيها الأحبة حياة أخرى لم تُذكر صريحة هنا أو هناك إنما هي بالأدق .. نصف حياة
تندمج وتتزامن مع حياتنا هذه فتسجل لنا وجوداً أسمى .. إنه الخلود
التعليقات 1
1 pings
أحمد بن موسى
2015-04-06 في 3:21 م[3] رابط التعليق
كلام جميل يحتاج لتمعن