لماذا نجد عند الإنسان الاستهانة بالدور التخريبي والتدميري للشيطان الرجيم في مسار هدايتنا وسعادتنا ، مع وجود تلك النداءات والتحذيرات الكثيرة في القرآن الكريم من قدرة إبليس على الوقوع على نقاط الضعف عندنا ، ومن ثم يستغلها ويتجه بها نحو سلخنا من المناعة الأخلاقية ، متكئا على الغفلة التي تحيط بنا حينئذ فنستسيغ الذنوب وارتكاب الفواحش دون أن يردعنا شيء (الاستدراج الشيطاني) ، بل وتقع في القلب الكراهية لصوت الحق والنصيحة الجميلة فنعرض عنها صفحا وكأننا لا نسمع شيئا ، فالشخص الثمل لا يقتصر في تغييب عقله على حالة معاقرة المسكرات بل هناك غيبوبة عقلية تنشأ من عامل آخر ، وهو تزيين الشيطان وتصوير المنكرات وكأنها فرصة من الخطأ تضييعها ، فاتباع الأهواء والشهوات المتفلتة بعد انعدام المنظم الفكري وغياب اليقظة الروحية يعني سقوطا في الهاوية وانحدارا أخلاقيا ، وليس هناك من خطوة ومسعى يتبعه الشيطان الرجيم أقوى من الخداع في تصوير المنكرات والمعاصي وكأن ارتكابها أمرا عاديا يقع من أكثرية الناس -كما يخيل له- (تحقير الذنوب) ، وغياب محاسبة النفس والنظر في العواقب المترتبة على أي كلمة أو تصرف منه هو ما يكرر منه تسلسل الأخطاء وتتاليها ، وأما إذا كانت الأفعال صادرة ممن يراقب نفسه وجوارحه لئلا يقع في الخطايا، فإنه سينجو من حفر المكر الشيطاني ، ومراقبة النفس هدأة محارب في ميدان العمل يتفحص من خلالها مجريات أموره ويومياته وما صدر منه من خطأ أو تقصير فيعمل على تلافيه مستقبلا .
الارتباط بين حياة الدنيا والآخرة يجعل من الحياة ميدان عمل يجتهد الإنسان فيه على عمل الخير والحسنات وصنع المعروف والطهارة عن التدني إلى المعاصي ، فيوم القيامة تنصب موازين العدالة الإلهية ويواجه المرء نتيجة ما قدم في الدنيا ويحاسب عليه بشكل دقيق ، ولا يجنبه العقوبات الإلهية في ذلك اليوم العظيم إلا حصافة العقل ورشده ويقظة ضميره ، فيحاذر من حفر المكر الشيطاني والذي يترصده في كل منعطفات حياته وحركاته وسكناته ، فيسول له فعل المعاصي ويزينها له حتى يوقعه فيها في لحظة غفلة وعدم إدراك العواقب المترتبة على خطوته ، إنه سلاح التوبة النصوح القوي في وجه المكر الشيطاني إذ مهما ارتكب المرء من ذنوب فإن أحضان الرحمة الإلهية تتلقفه بعد أن صفين نفسه من التلوث بالآثام .
ويحذرنا القرآن الكريم من الحالة العملية للتكذيب بيوم القيامة بينما عقله يؤمن به تماما ، وذلك أن أفعاله المتهورة في ساحة العظمة الإلهية دون ارتداع ، تدل على أنه لا يقيم وزنا لذلك اليوم الشديد وما يواجهه العصاة من ألوان العذاب على ما اقترفوه ، ولذا يستصرخ الشيطان جنده ويبذل أقصى جهده في تلك الحرب الناعمة التي يخوضها بشراسة ، من أجل إيهام الإنسان بأنه من المؤمنين بيوم القيامة والحساب بينما أفعاله السيئة تسير في تسلسل من الخطايا والآثام دون توقف .
ومن حفر المكر الشيطاني تفريغ العبادات من مضامينها التربوية الهادفة إلى صنع شخصية الإنسان المترفعة عن بله اتباع الشهوات المتفلتة ، وذلك أن الله عز وجل افترض علينا الصلاة بهدف نهينا عن الفواحش والمنكرات ، حيث يقف العبد بين يدي عظمة القهار فيستذكر ذنوبه و موقفه يوم الحشر فيؤوب ويندم ويعود إلى ساحة الطاعة ، و افترض علينا سبحانه الصوم -مثلا- لتحصيل واكتساب ملكة التقوى والتوقف عن محارم الله تعالى والانزجار عن التدني للنقائص المخزية ، فامتناعنا عن المفطرات لوقت محدد هو البداية التربوية والانطلاقة في بقية الشهور للتحرز من المعاصي طوال الأوقات ، ولكن الشيطان الرجيم يتآزر مع النفس الفارغة روحيا في تحويل العبادات الواعية إلى مجرد طقوس وعادات يؤديها دون أن يكون لها أدنى تأثير في صنع شخصيته .
ومن محطات المكر الشيطاني والتي يستنزف فيها مقوماتنا الإيمانية والروحية هي العلاقات الاجتماعية والأسرية والزوجية ، فحدوث الخلاف وسوء الفهم ليس بمشكلة ما إن بقى في دائرة احترام الآخر وعدم التجاوز على شخصيته ، ولكن الشيطان الرجيم ينشط لتأجيج نيران النقاشات ليحولها إلى خصومات ومشاحنات تملأ القلوب بالكراهية والأحقاد ، فلنحذر من محطات الخلافات والزعل والهفوات في علاقاتنا لئلا تتحول إلى نقطة ضعف يستغلها الشيطان الرجيم .
لأنك مصدرنا الأول .. شاركنا أخبارك موثقة بالصور .. قضية .. مقال .. وذلك بالإرسال على رقم خدمة الواتساب 0594002003
- 2025-04-30 “الإنذار البرتقالي في الشرقية: رياح نشطة وأتربة مثارة تحد من الرؤية الأفقية”
- 2025-04-30 نائب أمير الشرقية يرعى حفل تخريج أكثر من 10 آلاف طالب وطالبة بجامعة الملك فيصل
- 2025-04-30 مختص: كبار السن أكثر الفئات عرضة للاحتيال
- 2025-04-29 الأهلي يتفوق على الهلال بثلاثية ويتأهل لنهائي دوري أبطال آسيا للنخبة
- 2025-04-29 الموافقة على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء.. 17 قرارًا جديدًا لمجلس الوزراء
- 2025-04-29 أشجار التوت تصبغ أيدي أبناء الأحساء
- 2025-04-29 مزايا متوقعة في ساعات أبل الجديدة
- 2025-04-29 «الداخلية»: عقوبات تصل إلى 100 ألف ريال لمخالفي أنظمة وتعليمات الحج
- 2025-04-28 جامعة الفيصل تفوز بجائزة التميز في تطوير الكفاءات الصحية
- 2025-04-28 تعديلات على لائحة نظام حماية البيانات الشخصية
السيد فاضل علوي آل درويش
إنه يراكم
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.aldeereh.com/articles/91258.html