ورد عن أمير المؤمنين (ع) : نَفَسُ الْمَرْءِ خُطَاهُ إِلَی أَجَلِهِ )( نهج البلاغة : الحكمة ٦٥ ) .
كيف يمكن للإنسان أن يحمل معه قبس نور يضيء له دروب الحياة ، و خطاه تكون على معرفة و بصيرة واضحة قبل أن تأخذه متاهات الزمن و مشغلات النفس ؟
يمضي الإنسان أيامه في هذه الحياة من دون أن يتوقف كثيرا للتفكر في ماهية ما يقدّمه و ما يأخذه ، في عملية استنزاف لوقته و جهده دون أن ينتبه لخسارته اليومية و التي يمكن أن تصل به يوما إلى الإفلاس بعد أن يفقد رصيده تماما ، و لعل الصورة في الخسارة تكون واضحة في الجهة المالية إذ نتحدث عن الرصيد في المصارف ( البنوك ) و عن الاستثمارات و الأرباح و الخسائر ، فنحتاط لأمورنا و مشاريعنا خوفا من الخسارة و تضييع رأس المال و لو كان بنحو جزئي ، و لكن قلّ من يتأمل في رأس المال الحقيقي الذي لا يعوّض فكل لحظة و كل نَفَس هو في الحقيقة استهلاك لجزء من عمر الإنسان دون قدرة على استرجاعه مرة أخرى ؛ ليتحوّل إلى خطوة في طريق التكامل و تحقيق الأهداف و تؤسس لخُطى إنجاز و نجاح قادمة ، أو تتحوُل إلى ويلات و ثبور و ندم على ما ضيعناه من أوقات لا تُسترجع ، فهذا المورد الثمين الذي لا يُشترى ولا يُباع و لا يمكن تعويضه أو تجديده ، بعد أن تقدّمنا خطوات في الطريق دون معرفة مسبقة بأهمية عامل الزمن و أوراق شجرة العمر التي تتساقط دون استثمارها في طريق الإنجاز و العمل المثابر و تحصيل المعارف المثمرة ، فهذه الحقيقة البسيطة والعميقة في آنٍ واحد ، عبّر عنها أمير المؤمنين (ع) في حكمته النورانية بأنفاس الإنسان ، فكل نفس يتنفسه الإنسان هو بمثابة خطوة يخطوها نحو النهاية نحو الرحيل دون تراجع ، و متى ما استوعب الفرد حقيقة تقدم العمر و ساعته الرملية و استحضرها جيدا في كل يوم ، استطاع أن يحافظ على أوقاته أكثر من كل شيء حتى ماله .
فالزمن هو ما نصنع به وجودنا و نحدّد به قيمتنا من خلال ما يبرز من أفكار و أعمال تجسّد ما نملكه من قدرات و إمكانيات ، فكل إنسان يولد و معه مقدار محدود من الزمن لا أحد يعلم كم هو بالضبط لكنه سينفد حتما بنحو تدريجي و يتسرّب من بين أيدينا لحظة بلحظة و نحن معه نُستهلك دون أن نشعر ، و يُعرف مدى وعي الفرد برأس ماله الزمني ( العمر ) و أهميته بمدى ما يُستثمر في اتجاه ما سلبا أو إيجابا ، فما بين العمل و الكسل و التراخي تظهر صورة الفرد الحقيقية جلية دون رتوش .
و لا نغفل الجنبة البلاغية في هذه التحفة و التي تشير إلى العمر بدقة و عمق في التعبير ، حيث لم يُقل إن الإنسان يقترب من أجله مع الأيام أو السنوات المتطاولة ، بل مع أنفاسه المعبّرة عن أدق تفاصيل الزمن ، فاللحظة التي نغفل فيها أو نؤجل فيها فعل الخير أو نضيعها في الفراغ هي خسارة حقيقية لا تعوّض ، و هذا لا يعني أنه نهاية الأمر و بلوغ قمة اليأس ، بل هو تقدير لحجم الخسارة من أجل خلق وعي و إدراك يحيي فيه قوى التحرّك بكل قوة و اقتدار بعد تصحيح الأخطاء لئلا تتكرّر .
القيمة الجوهرية للإنسان يمكن ملاحظتها بمستوى الإنجازات التي حققها ، فاستطاع تحويل القطع الزمانية المتناهية الصغر ( النّفَس ) إلى محطات و مراحل عمل .
لأنك مصدرنا الأول .. شاركنا أخبارك موثقة بالصور .. قضية .. مقال .. وذلك بالإرسال على رقم خدمة الواتساب 0594002003
- 2025-10-21 حالات تستدعي تخفيف السرعة أو إيقاف المركبة
- 2025-10-20 تعليم الأحساء يطلق تحدي “فضاؤنا السيبراني آمن”
- 2025-10-20 قصر خزام.. شاهد على تاريخ الأحساء وقيادتها
- 2025-10-20 شروط استحقاق دعم وتعويض ساند في حال التعطل عن العمل
- 2025-10-20 أمطار وسحب رعدية وبرد ورياح نشطة على عدة مناطق
- 2025-10-20 إطلاق موسم الخبر 2025 بـ147 فعالية متنوعة الخميس المقبل.. وإنفاق متوقع يتجاوز 85 مليون ريال
- 2025-10-20 رئيس هيئة الترفيه يعلن دخول موسم الرياض منصة Roblox العالمية
- 2025-10-19 التعليم تعتمد الاختبارات المركزية للصف الثالث الابتدائي حتى الثالث المتوسط في أربع مواد دراسية
- 2025-10-19 لا كهرباء بلا تشجير.. شرط جديد في الأحساء لترخيص المنازل
- 2025-10-19 خطة استباقية لحماية السكان.. جهود أمانة الأحساء في مكافحة آفات الخريف
السيد فاضل علوي آل درويش