.
واقعاً بين فكّي هذا الوضع الراهن، وهذا الخطر الداهم، وهذا التفجير المتوالي في وطننا الغالي بدالوة العز وقديح النصر وعنود الإباء والحمى ، والذي صار فيه العدو ونحن كفرسي رهان وطريقين متقاطعين، نعم نراهن على أن يكون العدو إنساناً، هو أثبت وحشيته ودمامته ورقطاته وخذلانه وسحقه ودنائته وذره بل إنه لا شيء يُذكر فالذّر عزيز بقدر الانتشاء!
بين فكّي هذه المظلومية يبرز الفداء من عمق النصرة والولاء في (الدمام) ومن بؤرة الوعي الحقيقي للدين تنقدح شرارة مسلم ابن عقيل متمثلة في(محمد الأربش)، وبَرْقة القاسم متمثلة في(عبدالجليل الأربش)، و ضوء علي الأكبر متمثلا في(محمد العيسى)، ونور حبيب بن مظاهر متمثلا في (عبدالهادي الهاشم)
ولا أعلم عند الدفن بيوم أمس هل حوت الأكفان كل الأشلاء أم فُقد منها ما تطاير هنا وهناك!
الكل .. حول الحدث المهيب قد كتب ومع ذوي الشهيد قد وقف حتى صرنا لا ندري على أي أرض نقف ومن أي زاوية ننظر، فإن قلنا تجاوزنا .. وإن صمتنا فالصمت خير شاهد ورضا على كل ما قيل ، غير أن في القلب النازف تبقى أمنية !! إنها الشهادة
واقعا أقول .. ولا أشك أبدا بإنه في داخل كل إنسان - سطّرالولاء بين نبضاته- قد سيطر الهوس العشقي للشهادة التي كنا فيما مضى نسمع عنها في شهداء فلسطين ولبنان، وها هي شيئا فشيئا تحلّق على رؤوسنا كالظل تماما ما إن يُفقد من فوق أحدنا حتى علمنا بأنها دثّرته و نالها ولم يعرفه الله من سيئاته شيئا.
وبتنا نُتقن فن الريشة فنرسم أجسامنا أثيرية دموية تسفح عزة ونصرة وكرامة ومجدا وتاريخا وحياة (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عن ربهم يرزقون) ، وها هي البشارة من طهر الروايات نُسقاها (من مات على حب آل محمد مات شهيدا)البحار ج68 ، ليس هذا فحسب إنما نملك ما يوازي دم الشهادة وهو قطرة دمعة في سواد الليل لا نريد بها إلا الله عز وجل .
أعزتي لننال الوسام الممجدا هنا دعوة .. للمعرفة
فالشاخص في طلب العلم كالمجاهد في سبيل الله، وإذا جاء الموت لطالب العلم وهو على هذه الحالة مات شهيدا فأي مزامنة بل مضاعفة هذه !
دعوننا ننهج سبيل الشهادة بالعلم والتذاكر والتباحث فثمة ملك يستغفر ووعد إلهي (إنما يخشى الله من عباده العلماء) ، وكفى بخشية الله علما و بالاغترار بالله جهلا.
بل دعونا نُريح هذا المنى العجول في ذواتنا ونستشعر صدقا بلوغنا هذا المقام حينما نطل على ميزان الدماء والمداد، قال الحق: يوم القيامة يرجح مداد العلماء على دماء الشهداء.
فالسبيل إلى مقام الشهادة الرفيع هو أمامنا بل في قعر دارنا فهلّا انتبهنا وتوجهنا !
وهل من شك أن أقل ما يمثلها هو قراءة فاعلة في كتاب ما؟!
.