مما لاشك فيه أنّ هناك ثمة حقائق وثوابت متجذرة في خضم العقل البشري على مر العصور والأزمان، توارثها الإنس جيلا بعد جيل بكل قناعة وقبول بل نكاد نزعم أن تلك الأمور الراسخة هي واقع مؤكد لا يختلف عليه الأسوياء والعقلاء ، ويمكن الإشارة هنا إلى وجود أمرين مهمين:
أولهما التطور الفكري ، وثانيا التحصيل العلمي، وهذان العاملان الرئيسان يؤديان بطبيعة الحال لإستراتيجية سلوكية فطرية غاية في الأهمية تشتمل على عدة عوامل منها : قدرة الفرد على تدبر شؤون الحياة ومواجهة الصعوبات وكذلك الإدراك العام ، أضف إلى ذلك التعلم وصقل المواهب ومن ثم اكتساب المهارات و التصدي للمشكلات والأزمات وإدارتها بكل دراية وحنكة وهدوء مهما كثرت أشكالها أو اختلفت طبيعتها حتى الوصول لنتائج مرضية تلبي الطموحات المرجوة على مستوى الفرد والجمهور على حد سواء.
إذًا نستطيع القول أن التعليم وما يحويه من ثقافة ورشد وإثراء وتهذيب للنفس هذه كلها عوامل مطلوبة وملحة و مجدية بطبيعة الحال بل هي غاية في الأهمية لإنشاء وبناء وطن حيوي مزدهر وناجح ، وهذه مجتمعة تعتبر بمثابة اللبنة الأولى وحجر الأساس لتطور البلدان والشعوب كما تمنح الأشخاص أيضا القدرة على الإدراك السليم و التأمل الإيجابي والسير قدما و بخطى مستقرة و ثابتة نحو كل ما من شأنه الحفاظ على كرامة وعزة وهيبة الإنسان وتذليل كل المعوقات والعقبات والتغلب عليها وإزاحتها واجتيازها بكل ثقة واستطاعة واقتدار.
وبناء عليه يسهم كل ما ذكر في تكوين قاعدة متينة من النشء الصاعد يكون محصنا ومؤهلا وكفئا لخوض معترك ما يفرزه وضعنا المعاش من تداخلات نسمعها ونشاهدها في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت سهلة المنال من حيث ملكيتها بين أيدينا ، وهي بلا ريب تتضمن بين جنباتها محتويات معقدة ومتشابكة بشكل عام مما يؤدي إلى وجوب تأسيس مجتمع واعٍ يتمتع بالحكمة والبصيرة وملم بما يحاك من مخاطر تجاه قيمه ومبادئه وهويته.
وبالتالي نسعى جاهدين لعبور هذه المرحلة بسلام وأمان لنتبوأ بعدها مكانة رفيعة ومرموقة تليق بنا وبآدميتنا، وإثبات وجودنا في عالم يعج بالتنافس والتفوق العلمي بكل صنوفه وتعدداته ومجالاته المختلفة لنتمكن بعد ذلك من إرساء معادلة حقيقية وأكثر واقعية مفادها كلما أبحر الإنسان في عالم المدنية المتحضر كلما علا وارتقى لمكانة يكون فيها ساميا نافعا مؤثرا ليصل لمرحلة يصبح ذلك الفرد محترما ثقيلا وازنا وينظرله على أنه ذو قيمة عالية وجودة رفيعة وفائقة.
إذًا أصبح الأمر واضحا بينا جليا فيما سبق ذكره وهو أن الركيزة والقاعدة المثلى والأجدى لبلوغ ما نصبو ونتطلع إليه جميعا في بلادنا المقدسة بدءا من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين ورئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان آل سعود -أمدهما الله سبحانه وتعالى بعونه وتوفيقه وأدام عليهما وافر الصحة وتمام العافية وعلى كافة شعبنا السعودي الكريم الطامح نحو مستقبل أكثر إشراقا وتقدما ونموا وازدهارا.
وفي واقع الأمر لن يتسنى ذلك إلا من خلال النظرة العامة للإتقان والريادة والتميز والإبداع وتحقيق كل المطالب من مهارات وأمنيات ؛ وبناء عليه يتوجب علينا فردا فردا ترجمة تلك الرغبات من مشاعر ورؤى وأفكار إلى حدث يلامس عقول السواد الأعظم من المواطنين صغارا وكبارا من النساء والرجال بالإضافة إلى الصفوة من المثقفين والمؤثرين وأصحاب الفكر والعلماء وصناع القرار في مختلف المجالات من الساسة والتربويين والاقتصاديين والجميع من ذوي الخبرة والمعرفة والاختصاص.
أيها المحترمون ختاما نؤكد بضرورة وضع الأهداف المراد تحقيقها نصب أعيننا و أن نعمل جاهدين ما أمكن لخلق واقع جديد باستغلال كل الإمكانات المتاحة التي وضعتها الدولة رعاها الله لخدمة واستثمار طاقات ومواهب وقدرات الشباب عن طريق الجامعات والكليات والمعاهد و مراكز الأبحاث العلمية وغيرها الكثير وكذلك التطوير والدعم اللامحدود في جميع الحقول والتخصصات المنتشرة في جميع أرجاء مناطق البلاد لنبلغ بعدها لمحصلة ومخرجات يعوّل عليها لنحلق بالوطن إلى مصاف ما نرغب فيه ونأمله ونرجوه من مقدرة وشموخ واعتزاز.