في مسيرة الإنسان، لا تقتصر المعاناة على الجوانب المادية أو الجسدية، بل قد تمتد إلى الأعماق حيث لا يراها أحد… إلى النفس.
فمن أشد الأزمات التي يمر بها الإنسان، هي الأزمات النفسية التي تُربك تفكيره، وتُتعب روحه، وتُثقله بالهموم، وقد تدفعه في بعض الحالات إلى التفكير في إنهاء حياته.
المرض النفسي ليس ضعفًا، بل وجع داخلي
كما يمرض الجسد وتضعف أعضاؤه، تمر النفس بعلل واضطرابات قد تكون أكثر خطورة من أوجاع الجسد.
الاكتئاب، القلق، الوسواس، الشك، الإحباط، الإحساس بالفشل، الإعجاب المفرط بالنفس… كلها أعراض لحالة داخلية غير متزنة، قد تُسقِط أقوى الشخصيات، حتى وإن بدوا ناجحين في الظاهر.
أسباب الأزمات النفسية
ليست دائمًا مادية أو معيشية، بل قد تكون:
- نتيجة ضغوط اجتماعية أو فكرية.
- شعور داخلي بلا جدوى الحياة.
- فشل متكرر في تحقيق الذات.
- مقارنة دائمة بالآخرين.
- غياب المعنى والارتباط الروحي.
والأدهى، أن بعض الأزمات تأتي دون مقدمات واضحة، فقد ترى إنسانًا ناجحًا، يحمل شهادات عالية، يملك المال والمكانة الاجتماعية، لكنه يعيش صراعًا داخليًا ينهكه.
العُجب والشك في الآخرين… أعراض لا تُرى
من أخطر ما تُولده الحالة النفسية المضطربة، هو تضخم الأنا، فيرى الإنسان نفسه الأذكى والأفهم، ويشكك في قدرات من حوله، ويقلل من إنجازاتهم.
هذه الحالة ليست ثقة بالنفس، بل هي غطاء لهشاشة داخلية، تجعل صاحبه غير قادر على قبول الآخرين أو الاعتراف بمواهبهم.
نصيحة مهمة
الصحة النفسية ليست ترفًا، بل ضرورة.
والشعور بالتعب الداخلي ليس عيبًا، بل إنكاره هو العيب الحقيقي.
فالعلاج يبدأ بالاعتراف، وبالبحث عن الدعم المناسب… سواء من مختص، أو من شخص صادق حكيم، يسمع ويفهم دون حكم أو تقليل.
في الختام
الألم النفسي لا يُرى، لكنه يُحس.
وقد يحمل الإنسان داخله حربًا صامتة لا يدري بها من حوله.
فلنكن أكثر رحمة في أحكامنا، وأكثر وعيًا في نظرتنا للناس… ولأنفسنا.
الله يكفينا شر هذه الآفةأنه سميع مجيب،
والله ولي التوفيق.