الصعوبات و العراقيل محطات اختبار لما نملكه من قدرات و إرادة على تجاوزها و الاستمرارية في طريق العمل المثابر دون توقف أو ترنّح ، فالحياة ليست بطريق مفروش بالرياحين تحت أقدام أحد ، بل تجد عند كل منعطف من الصعوبات ما ينتظرك كحجر عثرة ينتظر سقوطك أو وقفتك الجادة و عملك على إزاحته من طريقك ، و هذه سيرة الناجحين الذين حققوا إنجازات - كوسام شرف على صدورهم - تحمل قصص حياتهم المثير من الدروس و العبر حول الصبر و النفس الطويل و الهمة العالية في مواجهة صفعات الزمن و مختلف الأزمات ، و هذا لا يعني بالطبع التبلد الوجداني و التثلّج الانفعالي تجاه الظروف الحياتية القاهرة و ما يصاحبها من هموم و آلام ، و لكنه الذكاء العاطفي في احتواء الأزمات و استيعاب المشكلة و الصدمة منذ اللحظات الأولى ، و الانتقال إلى حالة تفحّص الحال و الأضرار الناجمة و المسارات المحتملة للخروج من عنق الزجاجة ، فالتفكير العملي - دون الدخول في دوامة و إسطوانة الندب و التحسر على الجرة المكسورة كما يقال - هو العامل المؤثر في تغيير المشهد نحو الإيجابية .
هل يمكننا إغماض العيون عن الطبيعة البشرية للنفوس و ما تحمله من تكسّر المجاديف و اسوداد الصورة و حالة الفتور و الخمول بعد معاينة الوضع السيء و مواجهة المشاكل المتعددة ؟
بلا شك أن الإنسان مزيج من الفكر و الوجدان و العمل و لا يمكن الفصل بينها ، و لكن التصالح مع الذات و إدراك طبيعة الحياة المتلونة بين البشائر و الخيبات و الصدمات ، يوصلنا إلى نتيجة مهمة تساعدنا على حالة التكيّف و الاستقرار في خضم وجود المشكلات في حياتنا ، و ذلك من مبدأ القيام بالواجبات الملقاة على عاتقي و التعامل مع الوضع بحرفية و مهنية و الاستمرار في طريق تحقيق الأهداف ، فمكانة الفرد الحقيقية في حيزه الفراغي الذي ينتج من خلاله الحلول و الأفكار و بخطوات العملية لمشاريعه في الحياة - و إن تحققت بنحو جزئي - ، فالإرادة البشرية قادرة على مقاومة الضغوط و الصعوبات و مواجهة التحديات و القدرة على التماسك منعا من الوصول إلى الانهيار و الضعف النفسي و الإحباط ، فتحقيق الذات مكانها و وجودها هو بداية خيط حركة الإنسان في هذه الحياة ،و هذا يعني ضمنا مقاومة العوامل الهدّامة و المسقطة على الأرض بسبب التعامل الخاطيء مع الصعوبات أو التهوّر أو اللا مبالاة أو عدم تقدير الظروف و حجم المشكلة ، إنه انعكاس لتحمل المسؤولية الكاملة عن المسار مهما طال أو تعقّد لأنه الطريق الوحيد الذي يحمل معنى ، فالاستمرارية ترتبط تحديدًا بالشعور بالكفاءة و الإحساس بأن ما نقوم به له أثر و أننا قادرون على التقدم فيه ،
و تأكيد على أن الإرادة الإنسانية تملك القدرة على السير حتى النهاية رغم المصاعب و التعقيدات ، و كما أن التوقف لا يوقف عقارب الزمن فإن التردد لا يُنجز المهام ، و الحل الحقيقي يكمن في التقدم خطوةً بعد خطوة دون توقف .