الجزء الأول
- أول الخطوات للبناء الإيماني والروحي في حياة المؤمن هو مدى رغبته في تحصيل تلك المكتسبات في أشهرها العبادية الاستثنائية ، و مدى عزيمته في توظيفها في بناء مسيرته الدنيوية وتحديد مستقبله الأخروي.
- يجب التفريق بين الجانب الروحي في شخصية المؤمن وبين الطقوس العبادية التي يقوم بها كالصلاة والصيام.. حتى وإن كانت تلك الممارسات مطلب مهم للغاية ، وصلة وثيقة ببناء الجانب الروحي لكنها في الحقيقية وسيلة للبناء الروحي وليست غاية له .
- البناء الإيماني والروحي يتمثل في جوهر العبادة ومضمونها المعنوي لا في أشكالها وطقوسها ، فالمضمون والجوهر هما ما يحددان مستوى الصلة الداخلية للمؤمن باللّه تعالى وانشداده النفسي والعاطفي إليه ، سواء من حيث قوة الإيمان ومستوى الحب ونسبة الإخلاص ، المتزامنة مع معاني إيمانية مهمة أهمها: الخوف من الله ، والرجاء إليه ، والتواضع بين يديه .
- إن من أعظم تجليات الرحمة العظيمة لله عز وجل بعبده المؤمن في الدنيا أن منحه محطات عبادية استثنائية ، يبدأها بشهر رجب المرجب حتى شهر ذي الحجة يستطيع من خلالها أحداث تغيير جذري في مسيرة حياته ، وإيصال روحه إلى مراتب كمالية راقية في العلاقة مع الله والتعامل مع الناس.
- إذا كنا نمتلك سنة تحتوي على أثني عشر شهراً نعيش معظمها مملوكين للدنيا وملذاتها ، فهل يصعب أن نقف حالة من حالات الاستراحة لنتجرد عن ملذاتنا الدنيوية في ثلاث أشهر جعلها الله فرصة للتغيير والبناء تمكننا من تعويض ما فاتنا من أعمال الخير والعبادات ؟!!.
- من أهم المرتكزات التي يستند عليها المؤمن قبل صعوده في قطار السفر الإلهي في شهر رجب البحث عن مواطن القوة الإيمانية والروحية الكامنة في ذاته من أجل تنميتها وزيادتها ، والتوقف عند مواطن النقص والخطأ ليصححها ويقومها، بتنكره لذاته ، وتجرده من تبعات البشر وسبل التحلل منها.
- عُد شهر رجب أول الأوقات المهيئة للمؤمن من أجل التزود بمئونة التقوى والإيمان لأنه مصدر زمني استثنائي للقوة والعزيمة الروحية ، ورفع مستواه الإيماني ، والله يقول في ذلك :{ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ }.
- الأشهر العبادية مواسم تزود المؤمن بطاقات إيمانية وروحية تعطيه قابلية على تحمل المخاطر والأمواج العاتية التي تعصف بحياته ، توصله في نهاية المطاف إلى العالم الأخروي بحالة من السكينة والاطمئنان.
- حالة الاستعداد التي يتخذها المؤمن قبل ركوب القطار الروحي لشهر رجب هي من أهم المقدمات في البناء الروحي للحصول على أكبر حصيلة إيمانية وتربية روحية تكون بمثابة الوقود الاحتياطي الذي يساعده في إكمال محطاته العبادية السنوية المتبقية بسهولة ويسر .
- حالة تلازم وتوافق بين الأشهر الثلاث العبادية واستحباب الصيام والذي تؤكده الروايات المتوالية والمستفيضة في عظم ثواب الصيام في هذه الأشهر العظيمة ، وهذا إن دل أنما يدل ما للصيام في هذه الأشهر العظيمة من أثر عظيم وتحفيز للبناء الإيماني والروحي في شخصية الإنسان المؤمن .
- من أهم روافد البناء الروحي والإيماني في الشهر العبادية المداومة على زيارة المشاهد المشرفة للنبي (ص) وأهل بيته الطاهرين (ع) لاسيما زيارة الإمام الحسين (ع) لما لها كم أثر كبير وعميق في نفس المؤمن ، وذلك لوجود الأجواء الروحانية التي تنعكس على صفاء الروح والنفس وتبعده عن كل ما يدعو الكدر والعكر والمنغّصات وغير ذلك مما تسببه الاهتمامات المادية في الحياة ، ومالها من الأجر والثواب العظيم الذي لايحصى .
- عادة مايكون الرصيد الإيماني والروحي المحصل في شهر رجب بمثابة صمام الأمان للمؤمن من أجل الانتقال إلى بقية محطاته العبادية القادمة ، بحيث أن تلقف فيوضات ليلة النصف من شهر شعبان ، وليالي القدر في شهر رمضان مناط بشكل كبير على كمية المخزون الإيماني والروحي الذي ناله المؤمن طيلة سفراته الإيمانية السابقة لها.
- أسلوب ممنهج يضعه الله أمام عباده المؤمنين يعلمهم حالة الارتقاء في البناء الإيماني والروحي لذواتهم ، حيث تبدأ مراحله مع بداية شهر رجب المرجب ، و يصل إلى مستويات متقدمة في شهر شعبان المعظم ، لينتقل إلى درجات تكاملية في شهر رمضان المبارك، إلى أن يحظى بتوفيق الله في ليالي القدر المخصوصة ليكون من المخصوصين بإحيائها وتلقف فيوضاتها الكبرى .
الدال على الخير كفاعله
للحديث بقية إن شاء الله