الجزء الثاني
? أغلب النزاعات والخلافات الناشئة في كثير من المساجد تحدث بين أئمة المساجد وخطبائها من جهة ، والقائمين على المساجد ( القيومين أو الإداريين ) من جهة ، وهو ما يجعل المصلين والمرتادين في دائرة مفرغة يقررون بعدها النفور عن تلك المساجد بسبب استمراريتها .
? قد تنشأ خلافات بين شريحة من أئمة المساجد وخطبائها من ذي الكفاءات العالية والخلق العالي والحضور الاجتماعي المحبوب مع القيومين التقليديين أو الإدارة الغير مناسبة أو الفاقدة للكفاءة ، وهذا ناتج من تملك الأنا وحب الظهور والحسد والتنافس المذموم في نفوس أولئك القيومين والإداريين .
? تفضي كثير من الخلافات والنزعات بين أئمة المساجد وخطبائها من جهة ، والقائمين على المساجد من جهة أخرى ( القيومين أو الإداريين ) إلى محاولات لإسقاط صور أئمة المساجد المخلصين في أعين الناس ، وهو مما يؤدي إلى هجران الناس لتلك المساجد والنفور منها .
? وجود تنافس محمود بين أئمة المساجد أنفسهم حالة اجتماعية صحية تثري حيوية المساجد ونشاطاتها ، لكن أن يتحول ذلك التنافس إلى تنافس مذموم يراه المجتمع على شكل نزاعات وخلافات بين الأئمة والمساجد ، فهذا سيؤدي إلى تفكك اجتماعي تعكس آثاره سلبياً على أنشطة المساجد وحيويتها ، ويقلل من إقبال الناس عليها.
? مؤسف جداً أن تتحول بعض المساجد من منابر دينية إلى مؤسسات إعلامية في يد بعض أئمة المساجد أو قيوميها يدعون من خلالها إلى أفكارهم المنغلقة وصراعاتهم الدينية وتوجهاتهم الفئوية بعيداً عن النظرة المتأنية الناظرة لمصلحة الدين والمجتمع الذي ينتمون إليه .
? كثرة الخلافات الناشئة بين أئمة المساجد وخطبائها وبين قيومي المساجد وإدارتها يفضي إلى كوارث اجتماعية منها : خلق جو إعلامي اجتماعي سلبي عن المساجد وأئمتها في نفوس الناس ، وإغفال الجانب الإيجابي للمساجد وأهميتها ، وقمع الكفاءات المتميزة وإحباطها ، وفقدان الثقة في المؤسسات الدينية والقائمين عليها .
? أدت كثير من النزاعات والخلافات الناشئة بين أئمة المساجد وخطبائها وبين قيومي المساجد وإدارتها إلى إبعاد الكفاءات الدينية عن موقعها الطبيعي والريادي ، بحيث قُيدت أدوارهم وحُصرت في إداء صلاة الجماعة ، مما أضطر بعضهم إلى نقل نشاطهم إلى خارج نطاق مساجدهم بسبب وجود فسحة واسعة أمامهم لممارستها بشكل أكثر حرية وفاعلية .
? من أهم الجوانب السلبية المأخوذة على رجال الدين والخطباء في المجتمعات ويتخذها البعض مبرراً لنفورهم من المساجد هو عدم تواجد رجال الدين والخطباء بين صفوف المصلين في صلاة الجماعة ، وعدم مشاركتهم في نشاطات المساجد.
? لاشك أن لبعض علماء ورجال الدين والخطباء مبررات مقنعة تبرر لهم عدم تواجدهم في صلاة الجماعة في المساجد ، أو في عدم مشاركتهم لنشاطاتها ، فبعضها مبررات مستندة على التزامهم بمساجدهم ، أو باستنادهم على حكم شرعي يلزمهم ، أو التزام بالتدريس والتعلم ، أو التزام عائلي وآخر اجتماعي ، وآخر صحي وآخر شخصي ... قد لا تعرفه عامة الناس عنهم .
? حينما يطالب الشارع الاجتماعي بحضور علماء ورجال الدين والخطباء في صفوف صلاة الجماعة والمشاركة في نشاطات المساجد كونهم في موضع القدوة والريادة ، فلا يمكن مطالبة وحث عامة الناس على حضور صلاة الجماعة والمشاركة في أنشطة المساجد وعلماء ورجال الدين والخطباء أول المتنصلين منها !!.
? الشارع الاجتماعي لم يطالب بانتظام وحضور رجال الدين والخطباء في المساجد بشكل مستمر خاصة لمن لديه التزامات عديدة ومبررات مقنعة ذكرنها في السابق ، لكنهم مطالبين بالحد الأدنى من المشاركة والحضور حتى لو اقتصر على مناسبات وأيام معينة كي يُسجل حضورهم ومشاركتهم في سجلهم الاجتماعي .
? إذا كان لبعض علماء ورجال الدين والخطباء حكم شرعي يستند فيه كسقوط عدالة إمام مسجد ما ، فهو ملزم بتنفيذه ، لكن ليس من الضرورة إخبار باقي عامة الناس عن سقوط عدالة ذلك الإمام أو من ينوب عنه ، بالمقابل لديه الخيار في التحاقه بمساجد أخرى يثق بعدالة أئمتها .
? من النكات السلبية التي سُجلت على بعض رجال الدين والخطباء أنهم لا يحضرون للمساجد إلا حينما يكون في صفة إمام المسجد أو خطيبه ، لا بصفة المأموم أو المستمع !! أو رفض بعض أئمة المساجد السماح بإحضار خطيب آخر في ذلك المسجد الذي يمارس فيه الخطابة والإمامة معاً!!.
? التساؤل الذي يطرح حول ظاهرة عزوف علماء ورجال الدين والخطباء عن الحضور للمساجد : إذا لم يكن لبعضهم مبرراً وسبباً مقنعاً للعزوف عن المساجد ؟ وتحكمهم علاقة اجتماعية قوية مع أئمة المساجد ، أفلا يحق للشارع الاجتماعي أن يضع علامة استفهام كبرى في عدم وجود (س) من رجال الدين أو الخطباء خلف (ص) من العلماء في صلاة الجماعة ؟!!.
? يعتبر تواجد العلماء والخطباء في صلاة الجماعة والمناسبات والنشاطات التي تتخللها المساجد مظهراً راقياً يدل على التلاحم الاجتماعي والنفوس المتحابة التي تشجع عامة الناس على الحضور والمشاركة في المساجد ، وإسقاط حجية البعض في عدم تواجدهم فيها ، فينطبق عليهم قول الله تعالى : {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }.