ورد عن الإمام محمد الجواد (ع): ثلاث خصال تجلب فيهن المودة: الإنصاف في المعاشرة، والمواساة في الشدة، والانطواء على قلب سليم) (الفصول المهمة ص ٢٥٨).
مما لا شك فيه أن الفرد منا يطمح في الحصول على مكانة اجتماعية راقية ويحظى بمقبولية ومحبة في محيطه، ولكن هذه الرغبة لا تأتي من فراغ ولا تمنح لكل شخص بنحو التسليم له، وإنما تعتمد على جملة من الأمور المتصف بها الشخص والتي تؤهله لنيل جاذبية خاصة ومساحة من التأثير الإيجابي، فمن الواضح أن التعامل القاسي والصعب- مثلا- مع الآخرين لا يجلب المحبة بل يورث النفرة والابتعاد عنه، وكذلك التميز بالتكبر والأنانية يجعل منه شخصا منبوذا وذلك أنه لا يبدي اهتماما ولا يعير أي وزن للآخرين معه، بينما تعد المشاركة الوجدانية والاهتمام بأحوال الآخر والتفاعل معه في تطلعاته وهمومه من أبجديات التفاعل في المحيط الاجتماعي، وهكذا نصل إلى حقيقة مهمة مفادها أن الجاذبية والحظوة الاجتماعية تنشأ من كاريزما خاصة للفرد (صفات شخصية) تجعل منه ذلك الفرد الذي يرتاح الآخرون في التعامل معه بكل أريحية وبساطة ويستشعرون الراحة النفسية في الحديث معه.
فالمودة الاجتماعية كنبتة تحتاج في نموها وإثمارها إلى مجموعة من الشرائط التي يجب تفهمها وتطبيقها والتعامل وفقها، وبالتأكيد فإن مخالفتها والاتصاف بما يباينها ويخالفها سيجلب الخراب والتوتر في العلاقات، والقلوب السليمة والعقول المنصفة تتأثر وتميل لأولئك الأفراد الذين يحترمون الآخر في كيانه وفكره مهما كانت درجة الاختلاف، فروح التسامح تفرض واقعا في المجتمع يحترم ويتقبل كل تلك المساحات من الاختلاف، ويبقى عصب التآلف والمحبة قائما لما يشعر به الفرد من صيانة لوجوده وعدم التعدي عليه معنويا أو في خصوصياته، كما أن المحبة عامل انسيابي يتشكل بسهولة في القلوب النظيفة ولا يحتاج إلى الكثير من العناية الفائقة، فالصدق والمصداقية يشعر به الفرد بلا مؤاربة ولا خداع من خلال الكلمات المعبرة والكاشفة عن الواقع، أما كلمات التوصيف المداهنة الخداعة فلا تحرك شيئا في مشاعر الغير وليس لها أي قيمة، ولا نبالغ إن قلنا إن المشاعر القلبية باتجاهها الإيجابي أو السلبي هي عماد العلاقات الاجتماعية والمؤثر فيها بشكل حقيقي، فما يعاني منه البعض من إرهاق الروح هو بسبب ضياع الحقيقة في زحام الكلمات المعسولة والتي لا لون ولا طعم لها، بل هي عند البعض مجرد فخاخ يرسم بها معالم استغباء الآخرين واستغفالهم لنيل مصالحه الضيقة، ولكن الأحاسيس الصادقة والنابعة من قلب طيب ونقي تلقى التواصل والاستجابة والترحاب، فالقلوب السليمة من الكراهية والنكد والغيرة المفرطة والمقارنات مع الغير تؤسس لعلاقات وازنة ورصينة ويحتل صاحبها مساحة من الجاذبية الساحرة.
وعامل المشاركة الوجدانية وروح العطاء تجلب المحبة والتأثير الإيجابي في المحيط الاجتماعي، وذلك أن شح النفس والتعود على الأخذ دون العطاء يجعل من الفرد منفصلا عن واقعه ولا يأبه بأحوال الآخرين ولا يعير همومهم أي أهمية أو تفاعل عنده مما يجعل من هذه الشخصيات موضع نفور عنها، بينما الشخصيات المعطاءة تهب شيئا من الوقت والجهد للتعرف على أحوال أفراد محيطه الأسري والاجتماعي، فتشاركهم أفراحهم وأتراحهم، ومتى ما وجد أحدا منهم تعلوه سحنة الألم والكآبة بسبب مشكلة أو ضائقة أو صدمة عاطفية هرع إلى التخفيف عنه بالكلمة البلسمية الصادقة، فالفرد الذي يمر بأزمة وشدة يخرج عن اتزانه النفسي والانفعالي والسلوكي ويحيا حيرة يتوقف معها فكره عن البحث عن مخارج ممكنة، ويحتاج إلى عوامل مساندة له تخرجه من حالة الدهشة وهول المفاجأة إلى حالة الهدوء النفسي وصفاء الفكر، وهنا ينبري من يحمل صفة المواساة والتخفيف من وطأة الآلام النفسية.
ومن عوامل الجاذبية الاجتماعية: الوقوف مع الحق والفضيلة والجنبة الواقعية المنطقية ولو كان ذلك على حساب نفسه، فهناك من لا يعترف بارتكابه أي خطأ مهما نوقش في ذلك الموقف، وهناك من يضع ميزانا معوجا في التعامل مع الآخرين حيث لا يقبل منهم ارتكاب أي هفوة أو إساءة في حقه، بينما يطلق العنان لنفسه ليتجاوز على الغير ويسيء له ولا يقبل تقديم الاعتذار له، فإن أردنا مكانة اجتماعية عالية فلنتعامل وفق مبدأ المثل في ما يصدر منا (الإنصاف)، فهذا يجنبنا الإساءة إلى الغير وتجريحه، فلا أحد يقبل الظلم والإساءة دون تقديم اعتذار.
لأنك مصدرنا الأول .. شاركنا أخبارك موثقة بالصور .. قضية .. مقال .. وذلك بالإرسال على رقم خدمة الواتساب 0594002003
- 2025-10-22 الحوزة العلمية بالأحسـاء تنعى رحيل سماحة الشيخ كاظم الحريب
- 2025-10-22 عاجل.. تفاصيل تشييع ودفن وعزاء فقيد العطاء والخدمة سماحة الشيخ الفاضل كاظم الحريب
- 2025-10-22 عاجل.. لجنة تشييع فقيد العطاء والخدمة تعلن عن موعد مراسيم التشييع والدفن
- 2025-10-22 بالصور: توافد كبير في مقبرة المنيزلة لحفر قبر فقيد المنيزلة المربي الفاضل سماحة الشيخ «الحريب» وتجهيز الساحات لاستقبال المشيعين والمعزين
- 2025-10-22 عاجل.. رحيل رجل العطاء سماحة الشيخ والمربي الفاضل «كاظم ياسين الحريب»
- 2025-10-22 مراجعة منهجية: الكيوي والمياه المعدنية علاج فعال للإمساك
- 2025-10-22 الالتزام البيئي: يطلق غدًا التمرين التعبوي “استجابة 18 ” في سواحل المنطقة الشرقية
- 2025-10-22 تدشين 4 خدمات إلكترونية للأحوال المدنية في “أبشر”
- 2025-10-21 تعليم الأحساء ينظم ورشة بعنوان “تمكين أولياء الأمور من تفعيل التطوع المهاري لتنمية مهارات الطلاب”
- 2025-10-21 مدرسة أبي الدرداء المتوسطة بالمنيزلة تعلن بدء التسجيل في البرنامج الوطني للكشف عن الموهوبين
السيد فاضل علوي آل درويش