شهر رمضان الكريم تتفجّر منه جوانب البركة و الخيرات و الجوائز ، و من تلك الفوائد هو تهيئة الفرصة للوقوف أمام مرآة النفس لصقلها بالفضائل و المكرمات و تخليتها من الرذائل و النقائص التي لحقت بها ، عملية التطهير النفسي و النزاهة من شوائب الخطايا و أوجه التقصير تتم من خلال التأمل في النفس بموضوعية و البحث عن النقائص و العيوب .
و الصوم و بقية ألوان العبادة تعزز الجانب الروحي و المعنوي و تقوي الإرادة في طريق الخير و تجنب منزلقات الآثام ، و باب التوبة تقرعه المذكرات و المنبهات في الشهر الكريم من خلال التدبر في الآيات القرآنية و الأجواء التبليغية و المعرفية ، مما يخلق روحية الاعتراف بالخطأ و العمل الجاد على تصحيحه و التحرك مجددا بعد التطهر و التخلص منه ، فتقييم النفس و انكشاف نقاط الخطأ و الضعف عند الإنسان تهيئة للترقي و التقدم في عالم التكامل الأخلاقي و التربوي و الارتقاء الروحي ، فحينما نعيش الأجواء الرمضانية بحق و جدية و تفاعلية مع موسم دُعينا فيه إلى التخلص من شوائب الشهوات ، نتقدم لخطوات في طريق تعزيز القيم و التفكير الواعي و الخطوات الهادفة و المدروسة قبل التقدم في طريق العمل .
هل طرحنا على أنفسنا تساؤلا جوهريا و عميقا يتعلق بمستوى علاقتنا بالله تعالى و ما صاحبها من فتور و بعد أو ضربات زعزعتها ؟
الشهر الكريم فرصة سانحة لتقييم علاقتنا بالخالق و مدى استعدادنا للقائه يوم القيامة ، فكم من إنسان استطاع اغتنام هذه الفرصة و قام بعملية استدارة و استفاقة من حالة الغفلة و عاد إلى طريق الحق و الخير .
ضبط النفس أمام المغريات و الرغبات المادية و عدم الانسياق خلفها بخطى عمياء هو جوهر الصوم الأخلاقي ، فالقدرة على الإمساك عن المفطرات خلال الدورة التدريبية في شهر رمضان ، تهيئ الإنسان للانطلاق في ميادين الحياة مزودا بالبصيرة و الإرادة القوية للتوقف أمام الشهوات و الأهواء ، و فرصة لتحسين السلوكيات و الأفعال و العلاقات مع الآخرين ، فبؤرة الانفعالات الشديدة و الاستجابة للاستفزازات و الإساءة من الآخرين هي روح الانتقام و تحقيق الانتصارات الوهمية بسبب الدخول في صراعات طاحنة ، و الشهر الكريم يفتح الباب أمام التصالح مع الذات و تلبية الاحتياجات الروحية و تجنب مواطن التوتر ، فالتسامح و التغافل عن الهفوات تتعزز بسبب الأجواء الروحية في شهر رمضان ، مما يسمح للإنسان بتعزيز قدراته و إمكانياته كالصبر و روح التحمل و نزعة حب الخير و المعروف و الرقة في القلب .
و الصوم ليس لا يقتصر في عملية الضبط على الأكل و الشرب ، بل يراد منه عملية التحكم و الضبط أمام شهواته فلا ينساق خلفها دون دراية بالنهايات و المآلات ، فقوة الإرادة تمانع الاستجابة للرغبات الدنيئة و تزيين الشيطان الرجيم .
كما أنه فرصة للتحرر من الأنا و حب النفس المغالى فيه ؛ لينطلق في رحاب العمل على تلبية حاجات الآخرين و تلمّس آلامهم ، فهذا الجوع و العطش الذي يشعر به لساعات معدودة يعاني منه الفقراء بسبب شظف العيش و قلة الحيلة ، فيتعمق في نفسه الشعور بالآخرين و الرحمة بالضعفاء منهم و تقديم المساعدة بحسب إمكانياته .
شهر رمضان فرصة ذهبية لا تعوّض للعودة إلى الفطرة و تطهير النفس من أدران الشهوات و الافتتان بالدنيا ، و يتيح لنا مساحة من التأمل و التفكير الإيجابي و البحث عن معالم التغيير الإيجابي ، فمائدة العبادات و أعمال الخير فيه تعزّز روح التقوى و الخوف من الله تعالى و تنمّي المانعة في الضمير الواعي .
لأنك مصدرنا الأول .. شاركنا أخبارك موثقة بالصور .. قضية .. مقال .. وذلك بالإرسال على رقم خدمة الواتساب 0594002003
- 2025-04-30 “الإنذار البرتقالي في الشرقية: رياح نشطة وأتربة مثارة تحد من الرؤية الأفقية”
- 2025-04-30 نائب أمير الشرقية يرعى حفل تخريج أكثر من 10 آلاف طالب وطالبة بجامعة الملك فيصل
- 2025-04-30 مختص: كبار السن أكثر الفئات عرضة للاحتيال
- 2025-04-29 الأهلي يتفوق على الهلال بثلاثية ويتأهل لنهائي دوري أبطال آسيا للنخبة
- 2025-04-29 الموافقة على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء.. 17 قرارًا جديدًا لمجلس الوزراء
- 2025-04-29 أشجار التوت تصبغ أيدي أبناء الأحساء
- 2025-04-29 مزايا متوقعة في ساعات أبل الجديدة
- 2025-04-29 «الداخلية»: عقوبات تصل إلى 100 ألف ريال لمخالفي أنظمة وتعليمات الحج
- 2025-04-28 جامعة الفيصل تفوز بجائزة التميز في تطوير الكفاءات الصحية
- 2025-04-28 تعديلات على لائحة نظام حماية البيانات الشخصية
السيد فاضل علوي آل درويش
شهر رمضان و صقل النفس
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.aldeereh.com/articles/107015.html