التربية الأخلاقية تقع في صلب المضامين و المقاصد التي تضمّنتها الأدعية في الصحيفة السجادية ، مما يؤكد على أنها ليست مجرد كلمات مجردة عن التآزر مع العقل الواعي و النفس اليقظة لما يحاك لها من عدوها اللدود ( الشيطان و الأهواء النفسية ) ، بل هي رحلة ملكوتية في غمار المناجاة التي توقظ النفس من سبات الغفلة و التقصير و اللا مبالاة بيوم الحساب ، و هذه الأدعية تعد النفس لتحمّل المسئولية تجاه التحديات و من ثم اتخاذ المسار و القرار الذي يحفظ النفس من السقوط في أتون النزوات ، و ليس هناك من جهد جهيد للشيطان كتزيينه لبني آدم ارتكاب المعصية و فقدان الحساسية الإيجابية و الخوف من الله تعالى ، و بداية الخيط في فك هذا اللغز المتعلّق بالمنطقة بين الفهم الفكري و التصرف السلوكي تجاه المخالفة و ممارسة المعصية ، تنشأ من الإشارة إلى السؤال حول المعرفة النظرية بحقيقة الذنوب و آثارها الوخيمة على الإنسان ، و إذا كانت هناك ثمة معرفة و لو بنحو إجمالي ينشأ من البيان القرآني لقصص الأمم السابقة مثلا و كذلك منحى التوجيهات القرآنية المتعلقة بالجانب الأخلاقي و التربوي ، فيتبادر إلى الذهن ما يتعلق بالسبب لهذا العمى و الاستجابة السريعة لهتاف المعصية مع وجود معرفة مسبقة بخطرها و نتائجها المدمرة على مستقبل الفرد الأخروي ، فالإنسان الذي يرتكب المعصية المقررة لمصيره المؤلم في يوم القيامة ، كيف يقدم على ذلك مع وجود إرادة عنده تمكّنه من الإقدام أو الإحجام و التراجع ، مع وجود المعرفة بخطأ هذا الاتجاه الذي يسلكه و ما يحفه من مخاطر النقم و العقوبات الإلهية ، فلماذا نجد الإصرار و الاستمرارية دون أدنى مراجعة للحسابات و إعادة التموضع بعد التخلي عن هذا الخطر المحدق ، و هذا جوهر مهم من جواهر تلك الأدعية السجادية و التي تدعو إلى تعزيز المعرفة بالوعي و تفتّح البصيرة وصولا إلى تعزيز الإرادة و تقويتها لاتخاذ القرار الصائب بالتراجع و التوبة و الإقلاع عن الذنب .
النفس البشرية في صراع مستمر ما بين قوة العقل الواعي الداعي إلى الخير و الصلاح و الفضيلة ، و بين الشهوات و الغرائز المتفلّتة التي تميل بالفرد إلى النزوات و فعل الآثام ، و هنا يقع الفرد في قرار مصيري و وجود حقيقي يقرره ذلك الضمير عندما يتصف بالنباهة و القوة أو الضعف و التلاشي ، و من عوامل الهدم الدالة على الانغماس في الشهوات هو محاولة التبرير و إيجاد الأعذار لارتكاب المخالفات و استصغار و تحقير أثرها في ميزان الأعمال ، حيث يتيح له ذلك التبرير الوصول إلى ساحة التصالح و السلام مع ذاته ، كما أن البيئة المحيطة به ( أصدقاء السوء ) تشكل طريق ضعف للفرد في الاستجابة لنزواته ، و هنا تأتي أهمية الوعي و فهم حقيقة الإنسان و قدرته على اتخاذ القرار مهما كانت الظروف المحيطة به .
الاعتراف بالخطأ و التقصير بداية اليقظة و مناعة الضمير ، فبدلا من التخبّط في التبرير أو احتقار الذنوب يلج لبوابة تحمّل المسئولية و القدرة على استحداث استدارة و تراجع بعد محاسبة النفس و إعادة ترتيب أوراقه و رسم خريطة طريق لتوازنه الفكري و النفسي ، فالتوبة قرار و موقف شجاع بعد تسلسل السقوط في وحل المعاصي التي لا تأتي فجأة بل هي تدرج و خطوات سلبية لتتحول إلى سلوك مستمر و متحكم فيه .
لأنك مصدرنا الأول .. شاركنا أخبارك موثقة بالصور .. قضية .. مقال .. وذلك بالإرسال على رقم خدمة الواتساب 0594002003
- 2025-11-02 استشاري: السهر والتوتر وسوء التغذية ”تدمّر“ المناعة
- 2025-11-02 ”إيجار“: لا تعديل لقيمة الإيجار أثناء سريان العقد.. وخدمة جديدة تضبط آلية التجديد
- 2025-11-02 جامعة العلوم الصحية بالأحساء تحيي اليوم العالمي للحد من الكوارث بفعالية توعوية متكاملة
- 2025-11-02 منتخب تحت 17 يبدأ تدريباته في قطر استعدادًا لكأس العالم
- 2025-11-01 كلمة وفاء مؤثرة من الحاج يوسف صالح العيد في رثاء الشيخ كاظم الحريب
- 2025-11-01 مختص: الأطفال دون سن الخامسة هم الأكثر عرضة للإصابة بالإنفلونزا
- 2025-11-01 “الأرصاد”: توقعات بسحب ماطرة على عدة مناطق
- 2025-11-01 إلغاء شرط الضمان البنكي لافتتاح معارض بيع المركبات
- 2025-10-31 الشيخ علي السالم: رحيل الشيخ كاظم الحريب خسارة كبيرة ومسيرته ستبقى حيّة بين المؤمنين
- 2025-10-31 خالد النمر: 3 خطوات ذهبية لخفض الضغط بدون دواء
السيد فاضل علوي آل درويش




