ورد عن مولاتنا الزهراء (ع) : اللهم اجعل غفلة الناس لنا ذكرا .. )( صحيفة الزهراء ص ١٥٠ ) .
هل يمكن لحالة الظلام و الغفلة و الجهالة التي يحياها البعض من الناس أن تتحول و تصبح مصدر نور و معرفة و هداية لنا ؟
قبل الإجابة لابد لنا من مقدمة تتعلق بحقيقة و مفهوم الدعاء و النتائج و الآثار المرجوة منه ، إذ أنه ليس مجموعة من الكلمات يرددها الداعي و ينتظر الأثر الكبير لها بعد ذلك ، بل الدعاء منظومة بناء معرفي و أخلاقي و روحي تُصاغ من خلاله شخصية المؤمن و يكتسب ما فيه من مضامين عالية ، فتقدّم الأدعية رؤية لتبصّر الفرد بذاته و استكشاف ما هي عليه من قدرات و إمكانيات و نقاط ضعف و معايب ؛ لينطلق بعدها إلى ميادين الحياة محققا آماله و أهدافه و طموحاته و قد بُنيت خطاه على قاعدة صلبة من المعرفة ، كما أن علاقته بالناس تحمل في طياتها مجموعة من الدروس و العبر يستطلعها و يدركها من جعل مجهر عقله يتفحّص الحدث بما هو حدث يتضمّن العبرة ، و ما يحمله من اتجاهات النفس البشرية في التصرفات و السلوكيات و النتائج المترتبة على ذلك في الاتجاه الإيجابي أو السلبي ، ففي الوقت الذي ينشغل فيه أصحاب العقول البسيطة بالتفاصيل و الخصوصيات و التلصّص على مجرياتها ، يتطلّع المؤمن إلى الأحداث بوصفها سلوكا بشريا ينبع من وجهة معرفية تستبطنها النفس و تتجرد للواقع حين يمارس تلك الفكرة القابعة في ذهنه ، فالغش أو الكذب - مثلا - حينما نجده كممارسة من أحد غيرنا قد يحمل بين أسطره حكمة معرفية لنا ، ننتزع منها ماهو مهم و مفيد لنا بما يتعلق بالعوامل المؤدية لممارسة هذه الآفة الأخلاقية و كيفية المحافظة على النفس من الوقوع فيها ، و حينئذ تصبح أخطاء و منزلقات و معايب الآخرين مورد تذكير و تنبيه و تحذير لنا من الوقوع في مثلها ، و هكذا يحوّل المؤمن أخطاء الآخرين و التي وقعت منهم في لحظة طيش و غفلة إلى منبه و كأنه يخاطبه بكلمات ترن في أذنيه ، بأن ينتبه من مخاطر الغفلة و الجهالة و حفر المكر الشيطاني و أهواء النفس المؤدية به إلى الهاوية .
مولاتنا الزهراء (ع) في هذا المقطع من الدعاء و الذي يمثّل موسوعة و مجموعة من القيم و المعاني التربوية و الروحية ، و التي تساهم في البناء التكاملي لأنفسنا و ترفعها لدرجة الوعي في مواجهة العوامل المؤدية إلى سقوطنا على أرض الشهوات و الأهواء ، فتقدّم لنا صورة حية و فاعلة و مؤثرة في توجيه سلوكنا نحو جني الثمار و الاستفادة ، و أولها التعلّق بالله تعالى و التوجه إليه في كل أحوالنا و اليقين بأن متعلق التدبير و التغيير في حياتنا هو الله عز و جل ، و بذلك ننفض أيدينا عن العوامل المادية للقوة و التأثير المطلق بذاتها دون أن يأذن الباري تعالى في إحداثها لأثر معين ، و سوء الحال و صعوبته الذي نحياه من خلال حالة التقصير المصاحبة لنا في ما نؤديه من أعمال ، و مكامن الأخطاء التي نقدم عليها في مسيرنا اليومي على مستوى علاقتنا بالله عز و جل أو بالناس من حولنا ، نحتاج إلى قوة ممانعة تحصّن نفوسنا من الاستجابة للأهواء و النزوات بما يصلح حالنا و يرفعنا إلى درجة النباهة و النضج في التصرفات ، نطلبه من الله تعالى كأفضل رغبة و منحة إلهية نكتسبها و تساعدنا على تبديل السلوك الإنساني المستهتر و المتهور و الانفعالي إلى سلوك معنوي راق يتصف بتحمل المسئولية و الاتزان النفسي و الوجداني ، فأمامنا مشهدان للسلوك الإنساني في هذه الحياة يمارس الفرد أحدهما بما يحمله من فكر و معان مختزلة في نفسه ، فهناك من تغيب عنه الحقائق بسبب انشغاله بالمظاهر المادية حتى تلتصق بذاكرته و فعله بنحو مستمر ، و هناك من يرى في ميادين الحياة ممرا يمتليء بالحفر و العراقيل التي قد يهوي في إحداها بسبب الغفلة ، و العاقل من كانت له درجة من الوعي و التنبه بتحويل أخطاء الآخرين إلى فرص للتعلم و التنزه من الوقوع قيها .
لأنك مصدرنا الأول .. شاركنا أخبارك موثقة بالصور .. قضية .. مقال .. وذلك بالإرسال على رقم خدمة الواتساب 0594002003
- 2025-11-02 استشاري: السهر والتوتر وسوء التغذية ”تدمّر“ المناعة
- 2025-11-02 ”إيجار“: لا تعديل لقيمة الإيجار أثناء سريان العقد.. وخدمة جديدة تضبط آلية التجديد
- 2025-11-02 جامعة العلوم الصحية بالأحساء تحيي اليوم العالمي للحد من الكوارث بفعالية توعوية متكاملة
- 2025-11-02 منتخب تحت 17 يبدأ تدريباته في قطر استعدادًا لكأس العالم
- 2025-11-01 كلمة وفاء مؤثرة من الحاج يوسف صالح العيد في رثاء الشيخ كاظم الحريب
- 2025-11-01 مختص: الأطفال دون سن الخامسة هم الأكثر عرضة للإصابة بالإنفلونزا
- 2025-11-01 “الأرصاد”: توقعات بسحب ماطرة على عدة مناطق
- 2025-11-01 إلغاء شرط الضمان البنكي لافتتاح معارض بيع المركبات
- 2025-10-31 الشيخ علي السالم: رحيل الشيخ كاظم الحريب خسارة كبيرة ومسيرته ستبقى حيّة بين المؤمنين
- 2025-10-31 خالد النمر: 3 خطوات ذهبية لخفض الضغط بدون دواء
السيد فاضل علوي آل درويش




