بسم الله الرحمن الرحيم
لم يكن اليتم في حياتي هو وفاة والدي،
فذاك قدر الله في عباده، ومصير لا يرد ولا يمنع،
ولكن اليتم الحقيقي كان في يوم أشبه بالموت… يوم عشت فيه بلا توبة!
كم هي خطرة تلك العبارة التي يتسلح بها كثير من الغافلين:
"سأتوب في الوقت المناسب…"
عبارة ناعمة السياق، خدّاعة المضمون، تؤجل الفصل بين النجاة والهلاك،
ترجئ الرجوع إلى الله، وتصنع وهما يخدر الوجدان، ويسرق العمر سرقة هادئة!
ولكن،
من قال إن الوقت المناسب سيأتي؟
ومن ضمن لك أن تبقى حتى تختار التوبة وقتما شئت؟
يقول الله تعالى:
﴿وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت﴾
سورة لقمان: 34
كم هو صعب أن تظن أن فسحة العمر باقية،
وأن أبواب التوبة ستفتح حتى تفرغ من لذاتك!
فالعمر ينقضي والقبور تمتلئ،
وكم من شاب رحل قبل أن يقول: "اللهم اغفر لي..."
التوبة لا تحتاج وقتا مناسبا، بل قلبا صادقا، وندما دافقا، وعزما يولد الليلة قبل الصباح.
فإن كنت تؤخرها حتى "تستقيم"، فاعلم أن التوبة هي باب الاستقامة،
وإن كنت تنتظر يوما تشعر فيه بالخشوع، فاعلم أن التوبة هي التي تجلب الخشوع والحياء من الله.
فلا تكن ميتا وأنت تمشي، ولا تؤجل حياتك بذكر الله إلى أجل لا تعرفه.
اللهم اجعلنا من التوابين، المبادرين،
ولا تجعلنا من المسوفين، الذين أخروا التوبة حتى أخرتهم الحياة نفسها.