الوجاهة الاجتماعية، مهما علت وذاع صيتها، تبقى وجاهة محدودة ومربوطة بما هو زائل من زخارف الدنيا ومظاهرها.
فالمال، والمكانة، والجاه، والمنصب، كلها أشياء فانية لا بقاء لها، وقد قال الله تعالى:
"كل من عليها فان" — أي أن كل من نال وجاهة دنيوية، فإنما هي مؤقتة، تزول بزوال أصحابها أو أسبابها.
فإذا كانت وجاهتك نابعة من شخص فانٍ أو مكانة زائلة، فإنها لا تدوم…
لأنها ببساطة مرتبطة بالفاني، فهي فانية.
أما الوجاهة الحقيقية والخالدة، فهي التي لا ترتبط بالمال أو المنصب، بل بالله سبحانه وتعالى.
قال تعالى: "كل شيء هالك إلا وجهه"، فكل ما سوى الله باطل وزائل، ولا يبقى إلا ما كان خالصًا له، ومن أجله.
ومن أسمى ما يطلبه المؤمن في دعائه:
"اللهم اجعلني عندك وجيهًا".
فأن تكون وجيهًا عند الله، خيرٌ من أن تكون وجيهًا عند الملوك والناس.
والوجيه الحقيقي هو من تنتخبه القلوب، ويزكيه المجتمع بصفاته وأفعاله، لا من نصب نفسه وجيهًا لمجرد الظهور أو الشهرة.
الوجيه هو من يسعى لقضاء حوائج الناس بلا مقابل، لا طمعًا في منصب، ولا طلبًا لمديح… بل حبًا للخير، وابتغاءً لرضا الله.
ومن أعظم نماذج الوجاهة عند الله:
الإمام الحسين عليه السلام،
الذي قدّم أغلى ما يملك لله، فجعله وجيهًا في الدنيا والآخرة، ومصدرًا للكرامة والشفاعة.
ومن هنا جاءت الفقرة العظيمة في زيارة عاشوراء:
"اللهم اجعلني عندك وجيهًا بالحسين عليه السلام"،
أي أن يكون قربنا من الله ببركة الحسين ومقامه وشفاعته، لا بمنصب دنيوي زائل.
فالوجاهة التي تُبنى على *الصدق، والتقوى، وقضاء حوائج الناس، وخدمة المجتمع، هي الوجاهة الباقية والمثمرة.
أما من يدّعي الوجاهة دون رصيد من القيم والمواقف، فلا يُغني عن الناس شيئًا.
الوجاهة عند الله… عزّ لا يزول.
والوجاهة عند الناس… مديح مؤقت لا يبني أثرًا.




