في كل نهضة حضارية، وكل تقدم بشري، نجد المعلم في الصفوف الأولى.
فهو الذي يبني الإنسان، ويصنع الفكر، ويغرس في القلوب القيم والمبادئ.
ولذلك لم يكن دوره مجرد إيصال للمعلومة أو تنفيذ لمقرر دراسي، بل هو رسالة سماوية، تحمل في طياتها أمانة عظيمة، ومسؤولية جسيمة.
المعلم هو من يصنع الطبيب، والمهندس، والعالم، والخطيب، والكاتب، والقائد.
هو الذي قد يُدرّس اليوم تلميذًا يصبح غدًا صانع قرار… أو ربّ أسرة… أو موظفًا مسؤولًا عن مصير الآخرين.
فإن صلح التعليم… صلح كل شيء بعده.
ولذلك قيل:
"قم للمعلّم وفّهِ التبجيلا، كاد المعلّم أن يكون رسولًا."
التعليم عبادة قبل أن يكون مهنة
على المعلم أن يدرك أن عمله عباديّ قبل أن يكون وظيفيًّا.
فهو يتعامل مع العقول والقلوب، ويرتقي بأرواح بشرية نحو العلم والنضج.
وكل كلمة يزرعها في عقل طالب، قد تثمر وعيًا، وتغيّر مصيرًا، وتبني أمة.
لهذا، يجب أن يتعامل مع طلابه وكأنهم أبناؤه، بحب وصبر واحتواء.
المعلم الرسالي الحقيقي
هو الذي لا يرى التعليم مجرد راتب، بل طريقًا للتقرب إلى الله بخدمة الناس ونشر العلم.
هو الذي يزرع القيم قبل المعلومة، ويهتم بالروح قبل الكتاب، ويقود بالعقل والقلب معًا.
من صفاته:
- الإخلاص في العمل، مهما قلّ التقدير.
- التواضع والتجدد في أدواته وأساليبه.
- العدل بين الطلاب، وعدم التمييز.
- القدوة في السلوك والأخلاق.
- الصبر على التحديات داخل الصف وخارجه.
المعلم في عيون طلابه
الطالب لا ينسى معلمه الذي احتواه وقت ضعفه، ووجّهه وقت حيرته، وسانده وقت فشله.
فالكثير من الشخصيات الناجحة في الحياة، تعود إلى نقطة انطلاقها: كلمة محفّزة من معلم آمن بها.
وفي زمننا هذا… تتعاظم مسؤولية المعلم
مع كثرة المؤثرات، وضعف الروابط الأسرية أحيانًا، وانفتاح الأطفال على عوالم رقمية مشوّشة،
يأتي المعلم كصمام أمان، يزرع الثوابت في نفوس أبنائنا، ويعيد التوازن بين القيم والعلم.
ختامًا،
لكل معلم مخلص… جزيل الشكر والتقدير.
أنتم الجنود المجهولون الذين تصنعون النور في عقول الأجيال… وتبنون الوطن من الداخل.




