الأم مدرسة إذا أعددتها * أعددتَ شعبًا طيّبَ الأعراقِ
قالها : حافظ إبراهيم ، ولم يخطئ ، فقد وجه البوصلة نحو أهم عنصر من عناصر النهضة والرقي في المجتمع ، إلى بئر العطاء ومستودع الصبر والتحمل ، إلى من قدمها النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام في البر ؛ لعظم قدرها ومقامها ودورها .
كالنحلة تتنقل بين غرف المنزل ، لكنها لا تمتص الرحيق ، بل تغدق بالعسل في خلية التميز والمتابعة والاهتمام ، بعد جهدها المضني في متابعة أزهارها بمختلف أعمارهم ومراحل دراستهم .
تقوم بدور كبير ، رغم الصعوبات وتداخل المشاغل ومهام التربية وشؤون المنزل ، إلا أنها توزع صبرها وجلدها بالتساوي ، لتقدم الصورة الرائعة للمدرسة الرائدة التي تسهم في تربية أبنائها تربية صالحة أساسها العلم والمعرفة .
من واقع تجربة لا مجاملة فيها ، تبقى الأم مفتاح خارطة الطريق لاكتمال بذرة التعلم عن بعد ، ومن بوابتها ندخل إلى ساحة حصد الثمار وتحقيق الأهداف والتطلعات .
تقف على متابعة أبنائها في ظل ارتباط رب الأسرة بعمله ، وتتحمل هذا العمل الشاق بصدر واسع بسعة قلبها ، تتابع غير واحد من أبنائها في وقت واحد .. فربما يكون لديها ابنان في صف واحد أو مرحلة متقاربة ، وربما يكون عندها ابنة في المرحلة المتوسطة وأخرى في الابتدائية ، فلا تنام جيدًا ؛ لأنها ستنهض مع ابنتها صباحًا ، وما إن تنتهي إلا وينتظرها المطبخ لتعدَّ الغداء لأسرتها وزوجها ، وهي على موعد مع الساعة الثالثة حيث ابنتها في الابتدائي ..!
فأي قلب يحتمل هذه المهام ، وأي صدر يتسع لهذا الكم الهائل من الطلبات ، سوى قلبها الكبير ؟!
إن ما نشاهده من تعليقاتٍ طريفة حول الدراسة عن بعد ، لا يجانب الحقيقة نوعًا ما ، وإن كان دون قصد في أغلب الأحيان ، إلا أن طبيعة الأم وخوفها من تعثر أبنائها أو بناتها يجعلها تنافح وتدافع عنهم وتبذل الجهد لإسعادهم من باب المساعدة ورؤيتهم في فرح دائم ، فلا نستطيع أن نخفي هذه المشاعر لنجعل منها معلمّا يعطي الدرجات حسب اجتهاد أو إخفاق طلابه ، إذ يقوم بدوره وعمله ، ففي نظر الأم أبناؤها مكانهم الأعلى دائمًا ، وقد نختلف مع بعض الأمهات قيامهن بدور الطالب ، إلا أننا نبرر ذلك من جهة عاطفية فقط !.
ونحن إذ نبرز دورها لا نغيّب دور الأب ، فكلاهما يكمل الآخر ويقوم بمهامه لاستمرار عجلة الحياة ، لكنها وللحق تأخذ نصيب الأسد ، وحُقّ لنا أن نفخر بهذا النموذج ، ونتمنى أن يؤسسن لجيل صالح ينهض بمجتمعه ويبني وطنه ، وأن لا ينسَ هؤلاء الطلبة هذا الدور العظيم ، وأن يزدادوا برًّا بآبائهم وأمهاتهم ويحسنوا إليهم ؛ نظير ما يقدمون لهم في هذه الظروف العصيبة .
التعليقات 1
1 pings
سهام البوشاجع
2020-12-23 في 9:32 ص[3] رابط التعليق
أحسنت بارك الله فيك