حينما يتحدث القرآن الكريم عن صفات الأنبياء وسمات الأولياء،فإن ذلك من أجل غرس تلك القيم والصفات في نفوس الأجيال المؤمنة التي يجب أن تقتدي بالأنبياء والأولياء في أخلاقها،وصفاتها، وأن تسعى للوصول إلى أكبر قدر من الكمال،وأعلى منزلة من منازل الإيمان والخير؛ليكون للإنسان صفة مهمة.
والبركة هي الزيادة والنماء في الخير،لذلك فإن المؤمن يدعو ويطلب من الله البركة وزيادة النماء في كل شيء من أمور الحياة،فما معنى أن يكون الإنسان مباركا؟
المبارك هو الذي تلازم البركة أحواله،وهو من ينتشر الخير منه ويفيض على الناس من خيره المادي والمعنوي، فقد تكون بركة الإنسان محصورة في ذاته،وقد تكون متعدية إلى غيره،ومما ورد عن رسول الله(ص) أنه قال:(قول عيسى (ع):(وجعلني مباركا أينماكنت)،قال:جعلني نفاعا للناس أينما اتجهت) الآية تهدف إلى أن الإنسان المؤمن ينبغي أن يكون بركة على من حوله في الجوانب المادية والمعنوية بدءًا من عائلته أقرب الناس إليه،وجيرانه،والمجتمع المحيط به،ثم على جميع الناس.
إن بعض الناس قد تبرز فيهم صفة الخير والبركة وتكون محصورة في الأقربين،أو لأهل بلدته فقط،لكن نبي الله عيسى (ع) تمتع بصفة البركة على الناس جميعهم بشكل مستمر،بحسب الظروف والأوضاع.
ومن صفات المؤمن اتصاله بالله في حد ذاته بركة على من حوله،فالله بقدرته ورحمته،ولوجود هذا المؤمن بين الناس يفيض على الناس من رحمته وبركة هذا المؤمن،وكما ورد عن الإمام الباقر(ع) أنه قال:(إن الله ليدفع بالمؤمن الواحد عن القرية البلاء..)ومما ورد عن النبي الأكرم
(ص) أنه قال:(إن الله ليدفع بالمؤمن الصالح عن مائة أهل بيت من جيرانه وأهل بلده البلاء).
وهذا بعد من أبعاد بركة الإنسان المؤمن،ومنها أخلاقه وتواضعه الحسن مع من حوله،فيكون وجوده بركة على الناس،لأن الناس يرتاحون من تعامل ذي الأخلاق الحسنة الطيبة.
فمساعدة الإنسان المؤمن لمن حوله في أمور دينهم ودنياهم،يكون بركة عليهم،هكذا يجب أن يكون الإنسان المؤمن في أي مكان يصبح بركة على من يجاورونه وعلى من حوله، وبخدمته لمجتمعه وبخدمته للآخرين وبأخلاقه وتواضعه،وتعامله الحسن وحسن المعاشرة الطيبة يكون مباركا.