*بسم الله الرحمن الرحيم*
في عالمٍ مزدحم بالمعلومات، ومتنوّع بالأساليب، لم يعد *إيصال الفكرة* مجرد إلقاء أو كتابة، بل أصبح *فنًا له أدواته، وقواعده، وتحدياته*. فالمعلومة وحدها لا تكفي، بل لا بد أن نُحسن توصيلها، وتقديمها بطريقة تُناسب المستقبل، وتلامس وجدانه، وتُقنع عقله.
أولًا: الوسيلة ليست واحدة
الناس يختلفون في مشاربهم وأمزجتهم، كما تختلف أحوالهم النفسية والذهنية من وقتٍ لآخر، لذلك لا توجد وسيلة واحدة تصلح للجميع وفي كل الأحوال. *النجاح في التأثير يكمن في التنويع، ضمن ثوابت عامة*. الخطب، الكتابات، المقاطع المرئية، الصوتيات، النقاشات المباشرة... كلها أدوات توصيل، والمبدع من يُحسن اختيار الوقت والوسيلة المناسبة لكل جمهور.
ثانيًا: البساطة بوابة القبول
*الفكرة البسيطة الواضحة*، لها أثر كبير في جذب الانتباه وترك الانطباع. فالمعلومة إذا قُدمت بأسلوب معقد قد تُرفض نفسيًا، حتى لو كانت صحيحة. وهنا يتدخل "العقل الباطن"، الذي يحتفظ بشعور نفورٍ من التعقيد، وقد يصنع حواجز مستقبلية لقبول الأفكار من نفس المصدر.
قال الإمام علي (ع): *"ما كل من نطق نجيب، ولكن الحجة تظهر في بيان القول."*
ثالثًا: الإقناع لا الفرض
المعلومة الناجحة لا تُلقى *كأمرٍ يُفترض طاعته*، بل *تُعرض كقناعة تُبنى بلطف وإقناع*. حين يشعر المتلقي بأنك تحترم عقله، وتُقدّر حريته في الفهم، فإنه *يفتح قلبه وعقله لك*. أما الفرض والإلحاح، فغالبًا ما يُنتج مقاومة داخلية.
رابعًا: التعدد في العرض والتثبيت
أفضل الوسائل في عصرنا هي تلك التي *تجمع بين القراءة، والمشاهدة، والاستماع*، لأنها تفعّل أكثر من حاسة، وتترك أثرًا أقوى في الذاكرة. فالرسائل المقروءة تُدرك بالتركيز، والمسموعة تُلامس الشعور، والمرئية تُعزز الرسالة بصورة، مما يجعل الفكرة أكثر رسوخًا.
في الختام
إيصال الفكرة الناجح ليس فقط بنقل المعلومة، بل *بفهم من نُخاطب، والحرص على قلوبهم قبل عقولهم*.
المعلومة القوية، إذا قُدمت بوضوح، بلغة بسيطة، وبأسلوب متنوع ومقنع، فإنها تطرق باب الذاكرة، وتستقر في وجدان المتلقي.
والله ولي التوفيق: