ما أعظم سعادة الوالدين حين يكون الولد بارًا بهما، مجتهدًا في أداء حقهما من الخدمة والإجلال، وخاصة في مرحلة الكبر والضعف والعجز. في هذه المرحلة، يصبح الولد سندًا لهما ودخراً تتحقق به الآمال المعقودة عليه، حيث يُظهر التزامه بالعناية بهما وتقديم كل ما يحتاجانه من اهتمام ورعاية.
تتحقق سعادة الوالدين بالولد البار عندما يكون هذا الولد، في جميع مراحل حياته، ذا أخلاق حسنة وسيرة طيبة. ولقد أكّد الإسلام على أهمية بر الوالدين واعتباره من أسمى الواجبات التي لا تُقدر بثمن. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: *"وَقَضى رَبُّكَ أَلا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا"*(الإسراء: 23). هذه الآية تُظهر لنا مكانة الوالدين في الإسلام، وتحث على معاملتهما بأحسن الطرق، خصوصًا في الكبر.
إن سعادة الوالدين لا تقتصر فقط على بر الأبناء لهما في مرحلة معينة، بل هي سعادة دائمة تكتمل عندما يرى الوالدان ثمرة تربيتهما واهتمامهما بهما، فتكون النتيجة ولداً صالحًا ذو أخلاق نبيلة. إنَّ البار بوالديه يكون دائمًا مصدر فخر واعتزاز لهما بين الناس، ويُذكر بعد وفاتهما بالخير والبر، ما يجعل قلبهما مطمئنًا وسعيدًا في حياتهما.
إن فرحة الوالدين تكمن في رؤية أولادهما يحققون النجاح في حياتهم، سواء في مجالاتهم الدراسية أو المهنية أو الاجتماعية، لأن هذا النجاح يكون دليلاً على أن تربيتهما قد آتت ثمارها، وأنهما قد قدموا للأمة فردًا صالحًا وناجحًا.
إضافة إلى ذلك، يعتبر الولد البار مصدرًا للراحة النفسية والعاطفية للوالدين في مراحل حياتهم المتقدمة، حيث يشهدون كيف يتمتع أبناؤهم بالقدرة على تحمل المسؤولية والاعتناء بهما، ويشعرون أنهما قد غرسوا في أولادهما القيم والمبادئ التي ستمكنهم من العيش بسلام داخلي وحياة متوازنة.
*خاتمة*
في النهاية، إن سعادة الوالدين بالولد البار لا تعادلها سعادة، فهي سعادة روحية وعاطفية عميقة. إن بر الوالدين، خاصة في مراحل الكبر والعجز، هو شرف عظيم، وهو عبادة ترفع من مقام الابن في الدنيا والآخرة. فلنحرص على الإحسان إلى والدينا ونعمل جاهدين على أن نكون مصدر فخر وسعادة لهما في كل مراحل حياتنا.
التعليقات 1
1 pings
غير معروف
2025-04-12 في 10:47 م[3] رابط التعليق
لقد لامس هذا المقال شغاف القلب، وأعاد إلى الأذهان أعظم معاني الوفاء والرحمة، حين يكون البرّ بالوالدين هو أسمى الغايات، وأعذب صور الإحسان التي يُمكن للإنسان أن يقدّمها في حياته.
ما أصدق ما جاء في كلمات الكاتب حين قال إن سعادة الوالدين تتجلى حين يُرزقان بولد بار، يتعهد خدمتهما، ويحفظ لهما الجميل، خاصة حين يبلغان من العمر ما يجعلهما في أمسّ الحاجة إلى العناية والرحمة. ففي مرحلة الكِبَر، لا يطلب الوالدان مالًا ولا جاهًا، بل قلبًا حانيًا، ويدًا رحيمة، ونظرة ملؤها التقدير والحنان.
وقد أشار المقال إلى معنى دقيق حين ربط بين بر الوالدين ونجاح الابن في حياته. نعم، فإن الوالدين يشعران بالفخر الحقيقي حين يرون أثر تربيتهم ينمو أمام أعينهم، في صورة ابن صالح، متميّز في أخلاقه وسلوكه، عارف بحقوق والديه، ساعٍ إلى رضاهما. وهذا هو المعنى الحقيقي للنجاح، حين يُتوج بالبرّ، ويُحيط بالوالدين شعور بالاطمئنان والرضا.
برّ الوالدين ليس مهمة مؤقتة، بل هو سلوك حياة، وهو ما عبّر عنه الكاتب بدقة حين قال إن سعادتهما لا تكتمل إلا حين يرون الابن البار في جميع مراحل حياته ثابتًا على خُلق البر، لا تغيّره الأيام، ولا تُفسده تقلبات الحياة.
ولعل أجمل ما اختتم به المقال هو التذكير بأن بر الوالدين عبادة، بل من أعظم العبادات، به تُنال البركات وتُرفع الدرجات، ويكون سببًا في رضى الله عز وجل ورضى الوالدين، وهما لا يفترقان.
جزى الله كاتب هذا المقال خير الجزاء، ونسأل الله أن يجعلنا من البارين بوالدينا أحياءً وأمواتًا، وأن يجعلنا مصدر سعادة لهم كما كانوا هم مصدر الحياة لنا.