*بسم الله الرحمن الرحيم*
قال تعالى: *"ولا يغتب بعضكم بعضًا، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا فكرهتموه، واتقوا الله إن الله تواب رحيم"* (الحجرات: 12)
الغيبة والنميمة من أمراض اللسان التي تُعدّ من كبائر الذنوب، وهما من الصفات التي تقطع أواصر المحبة بين المؤمنين، وتبث العداوة، وتفسد المجتمعات.
*الغيبة* هي أن تذكر أخاك بما يكره في غيبته، سواء في خُلقه أو فعله أو حاله. وقد شبهها الله تعالى بأكل لحم الميت، للدلالة على بشاعتها. قال رسول الله (ص):
*"الغيبة أشد من الزنا"*، قيل: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: *"إن الرجل يزني فيتوب، فيتوب الله عليه، وإن صاحب الغيبة لا يُغفر له حتى يغفر له الذي اغتابه"*.
أما *النميمة*، فهي نقل الكلام بين الناس على وجه الإفساد. وهي أشد خطرًا وأخبث أثرًا من الغيبة، لأنها تولّد الحقد والعداوة وتزرع الفتن. قال الإمام الصادق (عليه السلام):
*"حرّم الله الجنة على النمّام، الماشي بين الناس بالنميمة، المفرّق بين الأحبة، الباغي للناس العيب"*.
النمّام لا يكتفي بالقول السيئ، بل يتعمّد نقل الكلام لزرع البغضاء. لذا فهو أفسد للمجتمع من المغتاب. والغريب أن كثيرًا من الناس لا يشعر بخطورة ما يقوله، فيتساهل فيه في المجالس، طلبًا للتسلية أو الترفيه، غير مدرك لعِظم الجرم عند الله.
وقد قال الإمام علي (عليه السلام):
*"احذروا الغيبة فإنها إدام كلاب الناس"*.
وفي رواية أخرى: *"الغيبة جهد العاجز"*.
ومن أعمق أسباب الغيبة والنميمة:
- *الحقد الدفين*،
- *حب الانتقام أو التشهير*،
- *الفراغ والهوى، أو الغيرة*.
والعلاج يكون بالتقوى، والتفكر بعواقب الذنب، واستشعار رقابة الله، والتدرب على كظم الغيظ، وحفظ اللسان، كما قال النبي (ص):
*"من كفّ لسانه، ستر الله عورته"*.
*في الختام*، الغيبة والنميمة ليست مجرد كلمات، بل سهام مسمومة تجرح القلوب وتميت الإيمان. فلنكن من الذين يلجمون ألسنتهم عن الزلل، ويُحسنون إلى الناس سرًا وعلانية، ليحفظنا الله في الدنيا ويوم الحساب.