في عالمٍ يزداد فيه الضجيج الاجتماعي، وتكثر فيه التصرفات الجاهلة والمتعجرفة، يصبح *التجاهل الواعي* ضرورة للحفاظ على السلام الداخلي والكرامة الشخصية. فبعض الأشخاص، ممن يظنون أنفسهم حكماء ووجهاء في المجتمع، يتصرفون بتعجرف واحتقار تجاه الآخرين، متناسين أن الحكمة الحقيقية تتجلى في التواضع واحترام الآخرين.
*التجاهل ليس ضعفًا، بل قوة نابعة من الحكمة*
التجاهل هنا لا يعني الهروب أو الضعف، بل هو اختيار نابع من النضج والوعي. فالصمت أمام تصرفات الجاهلين والمتعجرفين هو رد راقٍ يعكس قوة الشخصية وثقتها. قال الإمام علي (عليه السلام): "ليس الحليم من إن أُسِيءَ إليه استقصى، ولكن الحليم من إذا أُسِيءَ إليه تغافل".
*التجاهل كأداة للحفاظ على الكرامة*
عندما يتعمد البعض الإساءة أو التقليل من شأن الآخرين، فإن تجاهلهم يُفقدهم متعة الاستفزاز، ويجعلهم يشعرون بالصغر أمام صمتك. كما أن تجاهل تصرفاتهم يُظهر نضجك ويعكس قدرتك على التحكم في ردود أفعالك.
*التمييز بين التجاهل الواعي والتغافل المذموم*
من المهم التمييز بين التجاهل الحكيم والتغافل المذموم. فالتجاهل الحكيم يكون في المواقف التي لا تستحق الرد، بينما التغافل المذموم يكون في السكوت عن الظلم أو التعدي على الحقوق. قال النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" [1] .
*التجاهل كفنّ يحتاج إلى حكمة*
التجاهل ليس مجرد صمت، بل هو فنّ يحتاج إلى حكمة وتمييز. فبعض المواقف تتطلب الرد بحزم وهدوء، بينما أخرى يُفضل فيها الصمت والتجاهل. قال الإمام علي( ع): "إذا نطق أو تصرف السفيه فلا تجبه، فخير من إجابته السكوت".
*الخلاصة*
التجاهل الحكيم هو درع يحميك من تصرفات الجاهلين والمتعجرفين، ويعكس نضجك وثقتك بنفسك. فاختر متى تتجاهل ومتى ترد، واجعل من صمتك سلاحًا يربكهم، ومن ردك أداة تُظهر حكمتك. وتذكر أن الكرامة لا تُنتهك إلا إذا سمحت أنت بذلك.