يُعدّ نقل الكلام وتحريفه من أسوأ التصرفات التي تهدم العلاقات وتزرع الفتنة بين الناس. فحين يُؤخذ الكلام من طرفٍ واحد ويُنقل مشوّهًا إلى طرفٍ آخر، دون تحقّق أو إنصاف، تتعكّر النفوس، ويُفتح باب الزعل، بل وتتصدّع أواصر المودة بين الأصدقاء، والأقارب، بل حتى داخل الأسر.
فالإنسان العاقل حين يسمع كلامًا منقولًا عن شخصٍ ما، يجب أن *يتريّث*، ويتثبّت، ولا يُسارع في الحكم حتى *يسمع من الطرف الآخر*. قال تعالى:
> *"يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"* [الحجرات: 6].
وهنا تظهر أهمية العدل والإنصاف، فليس كل من نقل لنا حديثًا صادقًا، ولا كل من أخبرنا بشيء نقله كما هو. فالكلام قد يُقال بنبرة مختلفة، أو يُحذف منه ما يغيّر المعنى تمامًا، أو يُحمّل ما لا يحتمل. وهذا ما يُسمى *بالتحريف في النَّقل*، وهو أخطر من الكذب أحيانًا، لأنه يُلبِس الكلام لباسًا غير لباسه.
*الحكمة تقتضي أن نتأنى*، ونتحقق، ونتفهم الظروف، قبل أن نتخذ موقفًا، أو نحكم على أحد. ولنعلم أن من نقل لك الكلام عن غيرك، سينقله عنك لغيرك.
*الخلاصة*:
تأمل قبل أن تصدق، وتريّث قبل أن تحكم، واسمع من جميع الأطراف قبل أن تصدر رأيًا. فبهذا تُطفئ نار الفتنة، وتُسهم في حفظ العلاقات، وتكون ممن يَجمع لا يُفرّق، ويصلح لا يُفسد.