في حياة الإنسان، لا تقتصر المكاسب على الجوانب المادية فحسب، بل تشمل أيضًا المكاسب المعنوية والمعرفية التي تُعدّ من أثمن ما يملكه الفرد. فالعلم، والإيمان، والأخلاق، والقيم، هي ثروات لا تُقدّر بثمن، وتتطلب عناية ورعاية مستمرة للحفاظ عليها من الآفات التي قد تفتك بها.
أهمية المكاسب المعنوية والمعرفية
المكاسب المعنوية والمعرفية تُشكّل أساس شخصية الإنسان وتوجّه سلوكه وتفكيره. فالعلم مثلاً، يُنير درب الإنسان ويمنحه القدرة على التمييز بين الحق والباطل. والإيمان يُعزّز صلته بخالقه، ويمنحه السكينة والطمأنينة. والأخلاق والقيم تُحدّد علاقاته بالآخرين وتُرسي قواعد التعامل السليم في المجتمع.
الآفات التي تهدد هذه المكاسب
كما أن الممتلكات المادية معرضة للتلف والضياع، فإن المكاسب المعنوية والمعرفية ليست بمنأى عن الأخطار. وقد نبّه الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى هذه الآفات بقوله:
> "لكل شيء آفة، وآفة العلم النسيان، وآفة العبادة الرياء، وآفة اللب العجب، وآفة الجود السرف، وآفة السخاء المن، وآفة الغنى البخل" [1] .
فمن هذه الآفات:
- نسيان العلم: يُفقد الإنسان ما اكتسبه من معرفة، مما يُضعف قدرته على التمييز واتخاذ القرارات الصائبة.
- الرياء في العبادة: يُفسد نية الإنسان ويُفقده الأجر والثواب.
- العجب بالنفس: يُؤدي إلى الغرور والتكبّر، ويُبعد الإنسان عن التواضع والاعتراف بالخطأ.
-السرف في الجود والمنّ في السخاء*: يُفقد العمل قيمته ويُحوّله إلى مصدر أذى للآخرين.
- البخل رغم الغنى: يُحرم الإنسان من بركة المال ويُؤدي إلى قسوة القلب.
سبل الحفاظ على هذه المكاسب
للحفاظ على المكاسب المعنوية والمعرفية، ينبغي:
1. المداومة على التعلم والمراجعة: لترسيخ المعلومات وتجنّب النسيان.
2. الإخلاص في النية: لضمان قبول الأعمال والابتعاد عن الرياء.
3. التواضع: بالاعتراف بالجهل والسعي المستمر للتعلّم.
4. الاعتدال في الإنفاق: لتجنّب السرف والمنّ.
5. الكرم بضوابطه: لتجنّب البخل والاستفادة من بركة المال.
إن الحفاظ على هذه المكاسب لا يقل أهمية عن الحفاظ على الممتلكات المادية، بل قد يفوقها، لأنها تُشكّل جوهر الإنسان وروحه. فلنحرص على صيانتها وتطويرها، لنرتقي بأنفسنا ومجتمعاتنا.