*بسم الله الرحمن الرحيم*
الطفل هو زهرة الحياة، وريحانة القلب، وأمانة عظيمة أودعها الله في أعناق الوالدين والمجتمع. فالطفولة ليست مجرد مرحلة زمنية تُعاش، بل هي بذرة تُغرس، وأساس تُبنى عليه شخصية الإنسان ومستقبله.
لقد أولى الإسلام عناية كبيرة بالطفل، فجاءت توجيهاته مؤكِّدة على الرعاية الكاملة له، بدءًا من الحقوق المادية كالغذاء والكساء، إلى الحقوق النفسية والعاطفية كالحب، والاحتواء، والأمان. وقد قال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): *"كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته."*
إن تربية الطفل مسؤولية دينية وأخلاقية لا تقف عند حدود التعليم والتأديب، بل تتعدى ذلك إلى أن نكون قدوة له في القول والفعل، وأن نغرس في قلبه القيم الإيمانية، والمبادئ الأخلاقية، وروح المحبة والتسامح. فكل ما نزرعه في الطفولة سيُثمر في الكِبر، إما خيرًا يُنفع به، أو خللًا يُعاني منه.
ومن المؤسف أن نرى اليوم في بعض البيوت والمجتمعات مظاهر إهمال أو قسوة تُمارَس ضد الأطفال، سواء بالعنف اللفظي أو الجسدي، أو بالإهمال العاطفي، أو حتى بحرمانهم من بيئة آمنة مستقرة. وهذا يُعد خيانة للأمانة، ويترك أثرًا نفسيًا بالغًا قد يستمر مدى الحياة.
فالطفل ليس عبئًا، بل استثمار مستقبلي، وصناعة أجيال. وإذا أحسنا تربيته، صنعنا إنسانًا سويًا يحمل في قلبه الإيمان، وفي عقله الوعي، وفي سلوكه الأخلاق. أما إذا أهملناه، فقد خسرنا أنفسنا قبل أن نخسره.
فلنُحسن للطفولة، ولنتعامل مع الأطفال برفق ومحبة، فهم ليسوا فقط مستقبلنا، بل مرآة حاضرنا، ومسؤوليتنا الكبرى أمام الله.