*بسم الله الرحمن الرحيم*
ظاهرة التحرّش والانتهاك الأخلاقي أصبحت من القضايا المقلقة التي تهدد أمن المجتمعات واستقرارها القيمي، ولا يكفي في مواجهتها فقط فرض العقوبات، بل لا بد من معالجة جذورها الثقافية والسلوكية، ومن أهم وسائل الوقاية: *توفير أجواء العفة والاحتشام.*
إن بيئة العفّة لا تُبنى بالمنع القسري وحده، بل بصناعة وعي يحترم الجسد، ويرتقي بالسلوك، ويبتعد عن أجواء الإثارة التي تُضعف الضوابط، وتُشعل الغرائز. فحين يختار الإنسان – ذكراً كان أو أنثى – أن يعيش ضمن أجواء تحفظ الحياء، وتبتعد عن المحرّضات، فهو يختار الأمان النفسي والمجتمعي لنفسه ولمن حوله.
*في كثير من الحالات،* يبدأ الانحراف من لحظة انغماس في مواد إباحية أو محتويات مثيرة تُحرّض الشهوة، وتُغذّي الخيال المنفلت، ما يؤدي لاحقًا إلى سلوكيات خاطئة كالتعدي أو التحرش أو حتى الاغتصاب.
وهنا لا يُعفى المتحرش من المسؤولية، لكنه في الوقت نفسه قد يكون نتاجًا لبيئة مشحونة بالإثارة، غابت عنها الرقابة وغاب الوعي.
ومن هنا تأتي أهمية *منع الأجواء المسببة للإثارة*، سواء عبر وسائل الإعلام أو في سلوكيات الأفراد، وتعزيز ثقافة الحشمة والعفّة في المناهج والبيوت والمجالس العامة، كأحد سبل الوقاية لا القمع.
*فالعفة ليست تقييدًا، بل حرية مضبوطة بالكرامة.*
والمجتمع الواعي هو من يخلق بيئة نقية تحفظ الجميع، وتُحاصر الشر قبل أن يتحوّل إلى سلوك.
كما أن من الواجب على الأسر أن تُعزّز في نفوس أبنائها قيمة الحياء، وأن تُربّيهم على احترام الآخر وعدم التعدي على خصوصياته الجسدية والنفسية. والمدارس والمؤسسات التربوية بدورها مطالبة بتضمين برامج توعية شاملة تزرع الوعي الجنسي السليم، القائم على المسؤولية لا التهوين ولا التهويل.
ومن الضروري أن يتحمّل الإعلام مسؤوليته، في الحد من نشر المحتوى المثير، والابتعاد عن تسليع الجسد أو تسويق الانحلال الأخلاقي تحت مسمى "الحرية".
فإن اجتمعت الأسرة، والتربية، والإعلام، على غرس بيئة العفّة، انخفضت معدلات الجريمة، وتحصّن المجتمع من الداخل.
*والله ولي التوفيق.*