ورد عن الإمام الجواد (ع) : مَن اِنقَطَعَ إِلى غَيرِ اللهِ وَكَلَهُ اللهُ إليه )( بحار الأنوار ج ٧٥ ص ٣٦٤ ) .
في طيات هذا التوجيه النوراني ما ينبيء عن حقيقة الروح الإيمانية و تأثيرها على الاتجاه الفكري و الفعل السلوكي ، فالإيمان بالله تعالى ليس مجرد كلمات أو فعل لا تأثير و لا نتاج له في سيرة الإنسان ، بل هو اعتقاد جازم بالحكمة و العدل الإلهي في تدبير شئون الكون و الإنسان وفق نظام دقيق لا خلل و لا نقص فيه ، فلا قدرة مطلقة مهيمنة على تفاصيل و مجريات حياة المرء غير الله تعالى ، فلا يمكن لضرر أن يصل إليه - و إن اجتمع الجن و الإنس - و الإرادة الإلهية لا تقدّره عليه ، و في المقابل فإن سعي الإنسان و صب جهده لن يصل إلى الغاية المنشودة ما لم ينل التوفيق و التسديد الإلهي ، و ما في هذا العالم من قوى و عوامل مؤثرة يرتكن الإنسان إليها و يعدها سندا له في الحياة و يتحصّل منها على الضمانات الأكيدة فهو واهم ، فبوصلة التوجه و التحرك ينبغي أن تسترشد الهدي الإلهي و تعمل بكل جهد في طريق الأهداف ، و أما تحقق النتائج بما يتوافق مع رغباته فهو أمر لا يقع في كل مرة ، و لهذا فإن الطمأنينة و السلام الداخلي و التصالح مع الذات يصب في مجراه الصحيح إن كان عين الفكر و الفعل منصبة على العمل بهمة عالية دون توقع النتائج الأكيدة في مصلحته الظاهرية في كل مرة ، فهناك من يحيا التيه الفكري و خوار القوى بسبب الثقة المطلقة بسعيه و السقوف العالية لتوقعاته ، و ما إن يخفق في خطوة أو مرحلة إلا و يقذف اليأس الشلل و السقوط في روحه و طاقاته .
الإمام الجواد (ع) يؤكد على جنبة مهمة و هي تصوّر الحصول على الأمان و تحقق الغايات بالاتصال بعوامل القوة و الاقتدار المادي ، فيأمل الإنجاز و النجاح الأكيد و الانتصار المؤزّر بسبب خطواته المعدة وفق التخطيط و العمل الجاد و القراءة المعمقة ، و هذا بحد ذاته لا مؤاخذة عليه و لا اشتباه فيه فمن حق العامل الواثق بقدراته و إمكانياته توقع النتائج الإيجابية ، و لكن العراقيل و عدم إصابة الهدف احتمالات لا ينبغي إغفالها لمن يخطط حياته و أعماله ، فبلوغ المأمول و منح علائم الراحة النفسية و السعادة و تجنب مواضع الخسارة و الألم قد تدفع الإنسان إلى تلمّسها و طلبها من مصادر القوة حوله كالمال و القدرات الذاتية و الفكر الوقاد و الإمكانيات المتاحة و الفرص السانحة و غيرها ، و هذا أمر صائب لكن تماميته تتوقف على التوفيق و الإرادة الإلهية في تحققه في نهاية المطاف على أرض الواقع ، فقد يصادف من العراقيل و الظروف الحياتية و المشاكل ما يشكل مانعا من ولادة أهدافه و بزوغها ، فالعوامل المتعددة في الحياة هي قوى و أسباب محدودة و لا تحقق الغايات إلا بعد حصول المشيئة الإلهية .
الاعتماد و الثقة بغير الله عز و جل كقوة مهيمنة و قادرة على تحقيق الأمور محض وهم يجر الإنسان نحو السراب و التيه ، فإن العناية و التدبير الإلهي متى ما رُفع عن الإنسان و أوكله سبحانه إلى نفسه و مصدر القوة الوهمي الذي يعتقده ، فقد بدأ حينئذ مسيرة عكسية و سلما خلفيا يتقدم و يعتلي درجاته وهما و لكنه في نهاية الأمر لا يصل إلى شيء .
و هذا التخلي الإلهي عن عبده المغرور بما عنده من أسباب القوة درس لعله يخرجه من شرنقة الجهل و الغفلة التي تحيط به ، بينما المؤمن بالله تعالى يجري أموره وفق معادلة توازنية تختزل سعيه و همته و عمله الجاد في ميادين الحياة بحثا عن وجود عملي لأهدافه و مشاريعه ، بعد التوكل على الله تعالى و الثقة التامة بأن النتائج لن يكون وجودها وفقا لمراده أو آماله لوحدها ، بل تخضع للإرادة و الحكمة الإلهية التي تتوّج جهوده بالتحقق أو التأخير أو منعها لمصلحة تخفى عليه ، فالسكينة و الراحة الازدهار النفسي نتاج الثقة بالله تعالى دون أن يطمر الفرد طموحاته أو يتوقف عند مرحلة معينة .
لأنك مصدرنا الأول .. شاركنا أخبارك موثقة بالصور .. قضية .. مقال .. وذلك بالإرسال على رقم خدمة الواتساب 0594002003
- 2025-12-07 إنذار أحمر في المنطقة الشرقية بسبب ضباب كثيف وانعدام شبه تام للرؤية
- 2025-12-07 “محمد” يضيئ منزل الدليم
- 2025-12-07 مركز النشاط الاجتماعي بالمنيزلة يُنظّم “مهرجان الأسر المنتجة”
- 2025-12-07 ارتفاع طفيف في أسعار الذهب بالسعودية اليوم الأحد.. وعيار 21 يسجل 443.25 ريالًا
- 2025-12-07 مختصة: المملكة في الصدارة عالميا بقطاع السياحة
- 2025-12-06 ساعة أبل تفعل إشعارات ضغط الدم في المملكة
- 2025-12-06 اختتام بطولة “سلماوي 31” للأشبال: الكوكب العيوني ينتزع اللقب من المضيف السالمية
- 2025-12-06 الدفاع المدني هطول أمطار رعدية على مناطق المملكة من اليوم السبت حتى يوم الخميس المقبل
- 2025-12-06 «حساب المواطن»: «تعريف السكن من الجامعات والكليات» آليا دون إرفاق مستندا
- 2025-12-06 “توكلنا” يحصد جائزة أفضل تطبيق حكومي عربي
السيد فاضل علوي آل درويش




