ورد عن الإمام الرضا (ع) : صديقُ كلّ امرئٍ عقلُه ، وعدوّهُ جهلُه )( بحار الأنوار ج ١ ص ٨٧ ) .
كم هي رائعة تلك الكلمات التي تقدّم لنا تنويرا فكريا و تصورا واضحا لكثير من المفاهيم المتصلة بطريقة إدارة حياتنا وفق ضوابط المعرفة و الإنجاز و البعد عن حفر نقع في غياهبها ، كما أن الفرد بحاجة إلى من يعرّفه بنفسه و ما تحمله من نقاط قوة و اقتدار و إمكانيات و كيفية توظيفها في إدارة حياته و علاقاته و طموحاته ، فالمعرفة طريق نور و وضوح يميّز من خلاله المرء طريق الخير و الفكرة الصائبة و ما يقابله من طريق الضياع أو التصورات الخاطئة ، و في علاقاته تتأرجح في نجاحها من عدمها بين نور المعرفة بأسس و معايير اختيار من ينسجم معه ، و في المقابل قد يكون ضحية جهله و تسرّعه في الاختيار بنحو خاطيء فيلقى من هذه العلاقة الكثير من الآثار السلبية .
من هو أقرب مصدر للأمان النفسي في وسط الضغوط الحياتية و التبصرة الفكرية لفهم دورنا الوظيفي و طريقة التعامل مع العراقيل و رسم الأهداف و مفتاح الحلول للمشاكل المتنوعة ؟
الإجابة غير المألوفة لن تبحث عن الوضع الاجتماعي و مدى التمتّع بعلاقات ناجحة و مميزة مع الأصدقاء و الدائرة المقرّبة منه ، بل في دواخلنا يسكن الصديق الحقيقي و الموثوق الذي لا يخذلنا و يرافقنا في مختلف مراحل حياتنا و المحطات الصعبة منها تحديدا ، العقل هو ذلك النور الذي نسلّط من خلاله الضوء المعرفي على الحقائق فيجلّيها لنا ، و المجهر الذي يعيننا على التمييز بين مختلف المسارات و أفضل السبل و الطرق لاتخاذ القرارات و الخطوات التي نقدم عليها ، و ليس لنا غيره من سند و حافظ من الوقوع في مستنقع الجهالة و الغفلة المفضية للاستجابة لانفعالاتنا و الذي يدفعنا إلى الخطوات غير المدروسة و المتهوّرة ، و هنا لابد من إلقاء الضوء على مسألة المخزون المعرفي الذي نستضيء به و نعدّه كمرجعية لنا في مختلف قضايانا ، فالعقل الناضج هو ما ينفع في الاستنارة المعرفية و السلوكية و الذي يتكامل بنحو مستمر من القراءة الواعية و الاطلاع على تحارب الآخرين و الاستفادة من الأوقات .
و لذا فإن الجهل لا يعني النقص في المعارف و الإعراض عن تكوين الزاد العلمي ، بل هي مجمل الصور التي يقدم عليها الإنسان في تقدير الموقف و اتخاذ القرار بعيدا عن الحكمة و النظر إلى الآثار المترتبة على مختلف الاحتمالات و الاتجاهات ، فالأوهام و الأماني الكاذبة و الأهداف ذات السقوف العالية مسار يضلل جهودنا و يضيع أوقاتنا و يوصلنا إلى نهايات خاسرة ، و اللهث خلف الاستفزازات و الانفعالات الشديدة سيقودنا إلى مسارات مدمّرة نندم عليها بعد ذلك كثيرا ، و هنا يصبح الإنسان عدوا لنفسه و مصادقا لمن يسير به نحو الويلات و الدمار ، فليس هناك من عدو لدود كالجهل و السير خلف الأهواء بعيدا عن الرأي المدروس و الحكيم نسمعه من أقرب الأصدقاء لنا و هو عقلنا الواعي .
و الخلاصة أن قانون الصداقة و العداوة لا ينشأ من العلاقات الخارجية مع الآخرين ، بل هو نابع من دواخلنا و مدى علاقتنا بذواتنا و إدارة دفة أمورنا عندما نسلّمها لعقولنا الرشيدة أم هي وليدة اللحظة من الحيرة أو اليأس أو الانغلاق أو التخلي عن المسئوليات أو اتباع العاطفة العمياء ، فمن يحمينا و يقينا من الوقوع في الطريق الخاطيء و يرسم لنا معالم العودة الفاضلة للحقيقة هي الاستنارة العقلية .
لأنك مصدرنا الأول .. شاركنا أخبارك موثقة بالصور .. قضية .. مقال .. وذلك بالإرسال على رقم خدمة الواتساب 0594002003
- 2025-10-22 تدشين 4 خدمات إلكترونية للأحوال المدنية في “أبشر”
- 2025-10-21 تعليم الأحساء ينظم ورشة بعنوان “تمكين أولياء الأمور من تفعيل التطوع المهاري لتنمية مهارات الطلاب”
- 2025-10-21 مدرسة أبي الدرداء المتوسطة بالمنيزلة تعلن بدء التسجيل في البرنامج الوطني للكشف عن الموهوبين
- 2025-10-21 إطلاق منصة “وقاء” لتعزيز التحول الرقمي وخدمة المستفيدين في القطاع الزراعي
- 2025-10-21 الخميس… انتهاء مدة تسجيل العقارات ل20 حياً في المنطقة الشرقية
- 2025-10-21 حالات تستدعي تخفيف السرعة أو إيقاف المركبة
- 2025-10-20 تعليم الأحساء يطلق تحدي “فضاؤنا السيبراني آمن”
- 2025-10-20 قصر خزام.. شاهد على تاريخ الأحساء وقيادتها
- 2025-10-20 شروط استحقاق دعم وتعويض ساند في حال التعطل عن العمل
- 2025-10-20 أمطار وسحب رعدية وبرد ورياح نشطة على عدة مناطق
السيد فاضل علوي آل درويش