ورد عن الإمام الحسن العسكري (ع) : إنكم في آجال منقوصة وأيام معدودة ، والموت يأتي بغتة ، من يزرع خيرا يحصد غبطة ، ومن يزرع شرا يحصد ندامة ، لكل زارع ما زرع )( بحار الأنوار ج ٥ ص ٣٧٢ ) .
هذه التحفة التوعوية تحمل بشائر الأمل و الطموح و ترفع الهمة و الإرادة عند الفرد لتكون بمستوى التحديات و المسئوليات ، فنحيا أعمارنا على بصيرة و وضوح بطريق الخير الذي نسلكه و موارد الأذى و الضرر الذي نحذره و نتجنّبه ، فكما أن الصحة الوقائية تشمل كل التوجيهات للحصول على سلامة الأبدان و التحذير من عوامل الاعتلال و المرض ، فكذلك الأمر يشمل الأصل في الخُطى و العمل المثابر من خلال الوعي بقضية محدودية الأعمار و ما يستوجب و يتفرّع على هذه الحقيقة الناصعة من اغتنام الأوقات و انتهاز الفرص و صنعها ، و في المقابل فهناك عوامل هدم علينا الحذر منها كالاغترار بالقدرات و الالتصاق بالمظاهر المادية التي سنرحل عنها يوما ما ، و كل حياة يعقبها الموت و الفناء فهي قصيرة بهذا المعنى و لابد من تحويل عدّاد الأيام إلى مراحل نتنقّل من واحدة إلى الأخرى في سبيل بلوغ النهايات المرجوة ، و خصوصا أن المفهوم الديني و القرآني للحياة الدنيوية هي كونها مزرعة يبذر فيها المرء الأعمال الصالحة ليجني ثمار أفعاله في يوم الحساب ، حيث يكون في عالم الآخرة التمايز و التباين بحسب وعي الإنسان و يقظته و همته في ميدان العمل .
و هذه الحكمة من الإمام العسكري (ع) تنوّر العقول و تدب في النفوس بريق الأمل و التحرّك الفاعل ، بحيث يكون هناك مقياس و معيار نعتمد عليه في محاسبة أنفسنا و التعرف على أوجه التقصير و الخطأ في مختلف جوانب أحاديثنا و تصرفاتنا ، فهذا العمر المتاح لنا هو مزرعة علينا أن نحسن زراعتها و الاهتمام بها حتى نتحصّل على مرجونا و هو النجاة من العقاب الألية للآثمين ، فهناك من يزرع التفريط و الخسارة و الندامة و عض الأنامل بعد حياة اللهو و الفراغ ، و آخر يزرع الغبطة و المسرّة و بياض الوجه يوم يرى في صحيفة أعماله ما قدّمت يداه في حياة العمل الجدّي ، و الاختيار و القرار بيدنا فنحن من نصنع حياة أبدية تتناسب مع كرامتنا و كمالنا .
يصوّر الإمام (ع) أعمالنا و كل ما يصدر منا في هذه الحياة كالبذرة التي تنبت على أرض الواقع و الحقيقة ، و كل كلمة صادقة أو عمل خير - مع تعدد سبله - تؤسس لفرحة حقيقية في يوم القيامة بعد أن تتجلّى قيمتها ، فطوبى لذلك الإنسان الذي لم يتوانَ عن عمل الخير و الاستمرارية في إتيان الصالحات و تنزيه نفسه عن الموبقات و موارد النقص و العيب ، و في ذلك اليوم العظيم عندما تُنصب موازين العدالة الإلهية يُغبط و يُكبر و يُعظّم ذلك المؤمن الذي نصب جهده في طريق العمل الصالح .
و آه ثم آه ممن كتب بيده لنفسه مصيرا قاتما و استحقاق عذاب أليم بسبب ما ارتكبه من رذائل أخلاقية كالغيبة و الكذب و الشهوات المحرّمة ، سيحصد الندامة و الحسرة في يوم لا ينفع معه إلا من أتى بقلب سليم و عمل صالح ، فهل من معتبر يعيد ترتيب أوراقه و حساباته و علاقاته بناء على حقيقة الدنيا الفانية دون أن يخرّب آخرته ؟!
إن الاستقامة و التزيّن بالأخلاق الرفيعة و طهارة النفس من المشاعر السلبية استثمار حقيقي سيجني المرء حصاده يوم تعرض صحائف الأعمال .
لأنك مصدرنا الأول .. شاركنا أخبارك موثقة بالصور .. قضية .. مقال .. وذلك بالإرسال على رقم خدمة الواتساب 0594002003
- 2025-11-01 كلمة وفاء مؤثرة من الحاج يوسف صالح العيد في رثاء الشيخ كاظم الحريب
- 2025-11-01 مختص: الأطفال دون سن الخامسة هم الأكثر عرضة للإصابة بالإنفلونزا
- 2025-11-01 “الأرصاد”: توقعات بسحب ماطرة على عدة مناطق
- 2025-11-01 إلغاء شرط الضمان البنكي لافتتاح معارض بيع المركبات
- 2025-10-31 الشيخ علي السالم: رحيل الشيخ كاظم الحريب خسارة كبيرة ومسيرته ستبقى حيّة بين المؤمنين
- 2025-10-31 خالد النمر: 3 خطوات ذهبية لخفض الضغط بدون دواء
- 2025-10-31 الأستاذ احمد عبد المحسن المبارك: فضيلة الشيخ الدكتور كاظم كان مثالا في الحكمة والخلق الرفيع
- 2025-10-31 المملكة تفوز برئاسة منظمة «الإنتوساي» لعام 2031
- 2025-10-31 الحاجة «نعيمة العبدالله – أم عبدالمنعم العبدالمحسن» في ذمة الله
- 2025-10-31 استشاري عظام: علاجات شائعة لا تشفي الخشونة.. والذكاء الاصطناعي يقود جراحة المفاصل بالمملكة
السيد فاضل علوي آل درويش




