بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، مفعمة بالحزن والأسى، ودّعت منطقة المنيزلة بالأحساء علماً من أعلام الدين، ورمزاً من رموز الإيمان، وسنداً من سندات المجتمع، ألا وهو العالم الجليل الحاج كاظم بن ياسين الحريب، الذي ارتحل إلى جوار ربه الكريم مساء الخميس، 1 جمادى الأولى 1447هـ.
لقد كان الفقيد الراحل من أبرز رجالات الدين في الأحساء، عُرف بعلمه الغزير، وخُلقه الرفيع، وتواضعه الجم، وسعيه المتواصل لخدمة الناس، لا يكلّ ولا يملّ من بذل الجهد في وعظ الناس، وإرشادهم، وتقريب القلوب بينهم، فكان بلسماً للمتخاصمين، وملاذًا للباحثين عن النصح، وصوتًا للحق والخير في كل محفل.
سيرة علم وورع:
نشأ الحاج كاظم الحريب في بيئة علمية مؤمنة، وتربى على قيم أهل البيت (عليهم السلام)، فكان منذ شبابه متعلقاً بالعلم والمعرفة، حريصاً على المجالس الدينية، مشاركاً في النشاطات الثقافية والروحية، حتى صار منبراً هادئاً يفيض حكمة ونوراً.
عُرف بين الناس بالحكمة والاعتدال، والصوت الهادئ المؤثر، كما تميز بقدرته على احتواء الجميع، بمختلف طبقاتهم وأعمارهم، حتى غدا مرجعاً اجتماعياً وروحياً للمنطقة، يُشار إليه بالبنان، ويُستضاء برأيه في الشأن الديني والاجتماعي.
موكب وداع يليق بمقامه:
شيّع أهالي المنيزلة والآلاف من أبناء الأحساء وخارجها جثمانه الطاهر في موكب مهيب، يتقدمه العلماء، وطلبة العلوم الدينية، ووجهاء المجتمع، وعموم المحبين الذين فاضت أعينهم دمعاً، وألسنتهم ثناءً، على رجلٍ عاش لله، ومات على طريقه.
إرث لا يُنسى:
لقد رحل الجسد، لكن بقي الأثر.
بقيت سيرته في ذاكرة الأحساء، صوته في المجالس، كلماته في القلوب، ودماثة أخلاقه درساً للأجيال.
بقي اسمه محفوراً في أفئدة كل من عرفه، وكل من وجد فيه أباً وأخاً ومرشداً.
رحمك الله يا أبا ياسين،
لقد أوجعنا رحيلك، ولكن عزاؤنا أنك رحلت شامخًا، نقيًّا، وقد خلفت من الذكر الحسن، والسيرة العطرة، ما سيبقى حيًّا فينا إلى أمدٍ بعيد.
نسأل الله أن يتغمّدك بواسع رحمته، وأن يسكنك فسيح جناته، ويحشرك مع محمد وآله الطاهرين، وأن يُلهم أهلك وذويك ومحبيك جميل الصبر والسلوان.
إنا لله وإنا إليه راجعون.




