ورد عن رسول الله (ص) : إنّ ابنتي فاطمةَ ملأ اللهُ قلبَها و جوارحها إيمانا إلى مشاشِها ، فتفرَّغت لطاعةِ اللهِ )( المناقب لابن شهرآشوب ج ٣ ص ٣٣٧ ) .
طريق السعادة في الدارين هو التقرب إلى الله تعالى في محراب الطاعة و العبادة حتى تأنس النفس بالسكينة و الطمأنينة و الهدوء النفسي ، و تغدو الحياة ميدانا للورع من محارم الله تعالى و مواجهة المكر و التزيين الشيطاني الداعي للانغماس في الشهوات و الأهواء المتفلّتة ، فالعبادة ليست مجرد طقوس جامدة و خالية من المضامين و الأسس المؤثرة على الفرد ، بل ملؤها المعاني الروحية و الأخلاقية و المعرفية و الاجتماعية الساعية به نحو التكامل و الرقي و الطهارة النفسية ، فتحضر العبادة كعامل محفّز نحو عمل الخير و صنع المعروف و التعامل الحسن بين الناس و التوجيه نحو تكوين الزاد المعرفي و الثقافي ، كما أنها تكبح جماح النفس عن الاستجابة العمياء للأهواء المتحركة بحاكمية الغرائز ، و التي تسقطه في وحل العيوب و النقائص و الرذائل الأخلاقية الملوّثة لنفسه ، و هذا ما يتجلّى بوضوح في عبادة مولاتنا الزهراء (ع) و التي كانت تجسيدا لمعرفة عميقة بالله تعالى، و شوق دائم إلى القرب منه و ذوبان في محبّته جلّ شأنه .
هذا الحديث الشريف يضعنا أمام حقيقة روحيّة عميقة و هي إنّ الإيمان الكامل هو الأساس الحقيقي للتفرّغ للعبادة ، فحين يمتلئ القلب بالإيمان لا يبقى فيه موضع لغير الله و يصبح التوجّه إليه هو الغاية الكبرى للحياة ، فالإيمان هو حالة وجوديّة تملأ الكيان كلّه و تحوّل الإنسان إلى عبد لله تعالى في فكره و شعوره و سلوكه و حركته في الحياة .
الناس في عبادتهم درجات فالإنسان المؤمن العادي يؤدي الفرائض اليومية و بعض النوافل محافظا على الحدّ الأدنى من العلاقة الروحيّة بالله تعالى ، أما الزهراء (ع)؟فقد تجاوزت هذه المرتبة إذ عبادتها لم تكن تكليفا تُؤدّيه بل كانت حياة ، كانت ترى في كلّ عمل طريقا إلى الله تعالى فحتى أعمالها اليومية – كالعناية ببيتها و تربية أولادها و خدمة زوجها أمير المؤمنين (ع) – كانت تؤديها بنية القرب و الطاعة ، و بهذا المفهوم العميق تحوّل كلّ جزء من حياتها إلى عبادة متواصلة لا تنقطع ؛ لترسم لنا معالم الرقي و التكامل الروحي و الأخلاقي بتهذيب النفس من شوائب الغرائز و المشاعر السلبية .
و قد يتبادر إلى الذهن أنّ التفرّغ للعبادة يعني الانعزال عن المجتمع و الانصراف عن المسؤوليات و الواجبات الحياتية ، غير أنّ الزهراء (ع) قدّمت لنا نموذجا فريدا للتوازن بين العبادة و العمل الأسري الاجتماعي و العمل الرسالي التبليغي ، فهي – رغم تفرّغها الروحي – كانت محور البيت النبويّ و مصدر العطاء الإنسانيّ و معلّمة النساء ، فتُظهر لنا سيرتها أنّ العبادة ليست انعزالا عن الحياة ، بل هي تربيةٌ للروح على الانخراط في الحياة بروحٍ إلهيّة ، إنّها عبادة المخلِصين الذين انقطعت قلوبهم عن كلّ ما سوى الله تعالى و امتلأت رحمة بالناس و دعاء لهم ، فالتفرّغ للعبادة في حياة الزهراء (ع) مدرسة تربويّة و أخلاقية تُعلّم الإنسان كيف يسمو بروحه فوق المادّة ، و كيف يجعل من الطاعة زادا لمواجهة التحديات و الصعوبات الحياتية ، فمن يتأمل سيرتها يدرك أنّ العبادة عندها كانت أساسا لصفاء النفس و نقاء القلب و استقامة السلوك .
لأنك مصدرنا الأول .. شاركنا أخبارك موثقة بالصور .. قضية .. مقال .. وذلك بالإرسال على رقم خدمة الواتساب 0594002003
- 2025-12-06 ساعة أبل تفعل إشعارات ضغط الدم في المملكة
- 2025-12-06 اختتام بطولة “سلماوي 31” للأشبال: الكوكب العيوني ينتزع اللقب من المضيف السالمية
- 2025-12-06 الدفاع المدني هطول أمطار رعدية على مناطق المملكة من اليوم السبت حتى يوم الخميس المقبل
- 2025-12-06 «حساب المواطن»: «تعريف السكن من الجامعات والكليات» آليا دون إرفاق مستندا
- 2025-12-06 “توكلنا” يحصد جائزة أفضل تطبيق حكومي عربي
- 2025-12-06 تنبيه هام من سفارة المملكة في إثيوبيا بشأن فيروس ماربورغ
- 2025-12-06 تنبيه للزوار.. حجز الروضة الشريفة متاح لمرة واحدة فقط كل عام ولا استثناءات للتكرار
- 2025-12-05 عاجل | الأخضر يحسمها بثلاثية.. المنتخب السعودي يهزم جزر القمر ٣–١ ويتأهل رسميـاً لربع نهائي كأس العرب
- 2025-12-05 عاجل | نتائج قرعة كأس العالم 2026 تضع الأخضر في المجموعة (H)
- 2025-12-05 الحاج ياسين جاسم الرويشد في ذمة الله
السيد فاضل علوي آل درويش




