"رؤية شمولية مبسطة للإجابة على الأسئلة الكبرى ضمن سلسلة الجاسئ الفكرية"
هذا المقال يقدّم شرحًا وافيًا لمخطط بصري جديد بعنوان «الرحلة»،الفكرة ببساطة: اختزال المعرفة الوجودية للإنسان في صورة واحدة واضحة ومؤثرة، تتحدث إلى عقل القارئ وروحه معًا، فقد تكون اهم خريطة يمكن للإنسان حملها وحفظها ضمن مقتنياته النفيسة في هذه الدنيا. ويجيب المخطط على اهم الأسئلة الكبرى والألغاز التي طالما حيرت الإنسان عن اصله وعلة وجوده ومصيره... مثل: من انأ؟ وما اصل وجودي؟ وما الغاية من خلقي؟ وكيف أعيش في هذه الدنيا؟ وماذا ينتظرني بعد الموت؟ وأين سأكون؟ وهل هناك يوم للحساب والخلود الأبدي؟
قصة المخطط: من كتاب إلى صورة واحدة
كانت البداية مشروع تأليف كتاب وبحثٍ مطوّل حول الوجود الإنساني وأسئلته الكبرى. لكنني رأيت حاجةً لمقاربةٍ مختصرة وسريعة ومفهومة لجميع الشرائح، دون إخلال بالعمق أو الرسوخ الديني والفكري. من هنا وُلد المخطط البصري «الرحلة»: اختصارٌ جريءٌ لمعارف كثيرة في صورة واحدة، تُبرز رؤوس أقلام وإشارات مُلهِمة، وتترك لمن أراد الاستزادة الرجوع إلى الكتب والمراجع للتفاصيل. إنّه طرحٌ إبداعي ربما يكون الأول من نوعه بهذا النمط المختزل المنظم الواضح والخفيف على البصر والبصيرة؛ يوجّه القارئ إلى قراءة ذاته وواقعه الروحي بشكل دقيق وعميق ويرتب شتات الأفكار ومعلومات الذاكرة المتناثرة من هنا وهناك في بوتقة واحدة من الوعي والمعرفة المتزنة.
ما الذي يقدّمه المخطط؟
يمثّل المخطط تصورًا شاملًا لرحلة الإنسان عبر أربع مراحل كونية متكاملة: عالم الأرواح، الحياة الدنيا، البرزخ، والآخرة. وفي المركز تتجلّى الهوية الوجودية عبر عبارة «رحلة الوجود»، وإلى جوارها رقمٌ رمزيّ هو ١٥٫٧٥٠ يعبّر عن فرادة الإنسان في سلسلة البشر منذ خلق آدم عليه السلام.
المراحل الأربع ومعانيها
١) عالم الأرواح — «كنت هناك»
مرحلة الوجود الأول، حيث خُلقت الأرواح قبل الأجساد، وأُخذ الميثاق: «أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَى» (الأعراف: ١٧٢). دينياً: بداية العلاقة بين الروح وخالقها. فلسفياً: الوجود المجرد عن الزمن والمكان. فنيّاً: تُجسَّد الأرواح كهالة نور حول المركز، تشير إلى الأصل والمصدر.
٢) عالم الدنيا — «أنت هنا»
مرحلة الاختبار والعمل والاختيار: «لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا» (الملك: ٢). الدنيا ممرّ وليست مقرًّا؛ فيها تُمارَس الحرية الأخلاقية وتُزرع النية. فنيًّا: تُرمَز بالأرض أسفل المركز وبالسهم الموجه إليها الذي يحدد مسار الرحلة الحالية.
٣) عالم البرزخ — «ستكون هناك»
المرحلة التي تلي الموت وتسبق البعث: «وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ» (المؤمنون: ١٠٠). دينياً: راحة أو عذاب جزئي بحسب نوع العمل في عالم الدنيا. فلسفياً: انتقال من الزمن المتحرك إلى الوعي الصامت. فنيّاً: يُجسَّد القبر الملاذ بعد الموت.
٤) عالم الآخرة — «ستستقر هناك»
الوجه النهائي للوجود الإنساني: بعث وحساب ثم خلود. «يَوْمَ يُبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا» (المجادلة: ٦). دينياً: عدلٌ إلهيّ لا ظلم فيه. فلسفياً: اكتمال الوعي والمصير. فنيّاً: رمز الميزان يمثل العدل والإنصاف وتوازن النهاية.
الرمزية الفنية في المخطط
- الدائرة: دورة الوجود؛ الحياة ليست خطًا مستقيمًا بل مسارًا تكامليًا.
- المركز: الهوية الروحية؛ الإنسان هو المحور لا المرحلة.
- الهالة: النور الإلهي؛ الأصل والمآل واحد.
- الأسهم المنحنية: الانسياب القدري؛ انتقال لا انقطاع فيه.
- الميزان: العدالة الإلهية؛ لا مصادفة في المصير.
- الأرض: موطئ الاختبار؛ حيث تُزرع الأعمال وتُحصد الغايات.
الأقواس الأربعة بين المراحل
- قوس الخلق: انتقال الروح من العلم الإلهي إلى الوجود.
- قوس النزول: تجسد الروح في الجسد ودخولها إلى الدنيا.
- قوس العروج: عودة الروح بعد انتهاء رحلتها في الدنيا.
- قوس النشور: قيام الروح بجسد جديد نحو الخلود.
فلسفة الروح: الروح واحدة والمراحل تتبدّل
الروح ليست جزءًا من العالم المادي حتى تُقاس أعمارها بالسنين أو تتغيّر بمرور الزمن؛ فهي من «أمر ربّي» كما قال الله تعالى، أي من عالمٍ أعلى لا يخضع لقوانين الجسد ولا لحركة الزمن. لذلك فإن عمر الروح واحد ممتد منذ خلقها وحتى الخلود.
الاختلاف بين الناس ليس في أعمار الأرواح، بل في موضع الروح من الرحلة:
- أرواح ما زالت في عالم الأرواح منذ آلاف السنين لم يُؤذن لها بالنزول بعد.
- وأرواح تعيش الآن في الدنيا متجسّدة بجسد مادي.
- وأرواح انتقلت إلى عالم البرزخ منذ أيام أو منذ قرون.
- وكلها تجتمع في يوم النشور إلى الآخرة حيث الخلود.
وهكذا، يمرّ كل إنسان بالمراحل الأربع نفسها، ولكن يختلف طول الإقامة في كل مرحلة، بينما تبقى الروح ثابتة والوجود هو الذي يتبدّل، كما في الشكل التالي:
فلسفة الرقم: بصمة وجودية واتصال روحي
تشير التقديرات التاريخية والأنثروبولوجية إلى أن عدد البشر الذين مرّوا على الأرض منذ خلق آدم عليه السلام قد يقترب من 20 مليار إنسان عبر العصور الطويلة. ووفق هذا الامتداد الواسع للحياة الإنسانية، يمكن تقدير أن موقعك الوجودي في هذه الرحلة يقع تقريبًا حول الإنسان رقم 15.750 مليار في سلسلة الأرواح التي جاءت إلى الدنيا قبلك. هذا الرقم لا يُقصد به الإحصاء العددي وحده، بل هو تعريف بمكانك في نهر الوجود: أنت لست فردًا عابرًا، ولا صفحة مكررة، بل هوية فريدة بحضورها، ورمزها، وبصمتها الروحية التي لا تشابه أحدًا.
الرقم ١٥٫٧٥٠ هنا ليس رقمًا إحصائيًا جامدًا، بل «بصمة وجودية» تشبه بصمة الإصبع ونبرة الصوت والحمض النووي؛ لا تتكرر بين البشر منذ خلق آدم (ع). إنه ترميز لفرادة حضورك: أنت معلوم عند الله قبل ظهورك، ولك طريقك الذي لا يشبهه طريق. والصلاة والدعاء ليسا اتصالًا عامًا، بل نداءً موجّهًا من «هويتك الروحية الخاصة» إلى خالقك؛ لا يطّلع عليه أحد، ولا تتجسس عليه الشياطين، لأنه يجري في عالم الروح الباطني. إنّها شفرة حضورٍ بينك وبين ربك، لا تحتاج وسيطًا ولا تكرارًا.
لقد جئت في لحظة محددة من التاريخ، تحمل وعيك، وتجربتك، وفرصتك الخاصة في الحياة لتعمل باختيارك وتحدد مصيرك، تمامًا كما حمل كل إنسان قبلك لحظته ودوره. هذا الرقم يقول لك: أنت جزء من قصة البشر الكبرى؛ تمتد جذورك إلى البداية، وتتصل نهايتك بالخلود.
إنه تذكير بأنك مسافر في رحلة الوجود، وأن سيرتك، واختيارك، واستجابتك، هي فصل جديد يُكتب الآن ضمن كتاب الإنسانية الذي لا يزال يتقدّم ما دامت الدنيا قائمة، فأحفر بصمتك الخاصة هنا على ذاكرة الدهور الوجودية المتحركة.
الفذلكة: رسالة المخطط الأبدي
هذا المخطط لا يشرح «ماذا يحدث» فحسب، بل يذكّر «من أنت» داخل كل ذلك: نور ← جسد ← وعي ← بقاء. أنت لست طارئًا على هذا العالم، بل جزء من نسقٍ كونيّ مقصود. إنّ «الرحلة» تعيد ترتيب الأسئلة الكبرى في صورة واحدة: كنت هناك (عالم الأرواح) ← أنت هنا (عالم الدنيا) ← ستكون هناك (عالم البرزخ) ← ستستقر هناك (عالم الآخرة). وبين البداية والنهاية، تظلّ هويتك الروحية فريدة لا تُنسخ أنت تشكلها بعملك في الدنيا فقط.
ليس هذا المخطط سردًا لمراحل الزمن فحسب، بل هو تذكيرٌ بفرادة روحك في هذا الوجود. فأنت الإنسان رقم ١٥٫٧٥٠ مليار في سلسلة البشر منذ خلق آدم (ع)، رقم لا يتكرر كما لا تتكرر بصمة ولا نية ولا طريق. هذا الرقم هو إشارة إلى حضورك الخاص في علم الله، وهو رمزٌ لاتصالٍ لا يتوسطه أحد، لا يسمعه غيرك، ولا ينقطع ما دامت الروح واعية بمن خلقها. صلاتك، ودعاؤك، وانكسارك، وتوبتك… كلها تصل إلى الله بصوتك الروحي الذي لا يشبهه صوت.
"أنت قادم من رحلة الوجود رقم (1)، وأنت حاضر هنا بلا صدفة، وبلا تكرار، وبلا بدل في الرحلة الحالية رقم (2)، فأسعى للنجاح قبل أن تنتقل إلى مسار وصمت الرحلة رقم (3)، فمصيرك الأبدي في انتظارك عبر الرحلة الأخيرة رقم (4)، فكن واعياً ومستعداً"
- لتحميل صورة مخطط الرحلة بحجم 2560*2560 بكسل، اضغط على صورة المخطط أعلاه، واحفظها.
- لتحميل صورة مخطط الرحلة بحجم 5000*5000 بكسل، اضغط على الرابط التالي، ونزل الصورة:
- أضغط هنـــــــــــا
1447/5/22
-------------------------
روابط ذات صلة:
سلسلة الجاسئ الفكرية [ 24 ] : نظرية البراهيم في كيفية البعث بعد طول اللبث
سلسلة الجاسئ الفكرية [ 1 ] : عنواني في البرزخ
سلسلة الجاسئ الفكريّة [ 2 ] : هل الإنسان كائن أحادي أم ثنائي أم ثلاثي ؟
سلسلة الجاسئ الفكرية [ 8 ] : الفؤاد
سلسلة الجاسئ الفكرية [ 10 ] : كيف يعمل كيان الإنسان ؟
سلسلة الجاسئ الفكرية [ 18 ] : النفس والروح والغيبوبة
سلسلة الجاسئ الفكرية [ 23 ] : النفس والسفر عبر الزمان
سلسلة الجاسئ الفكرية [ 20 ] : النفس واينشتاين وسقراط
سلسلة الجاسئ الفكرية [ 16 ] : متلازمة المبدع الموهوب والمجتمع







