كنت أراه وهو صغير يلبس قميصآ أبيضآ وبنطال تارة بلون أسود وتارة بني اللون في كل صباح على ناصية الشارع العام يمسك بيد والده ليعبر به إلى الشارع المقابل حيث يركب الباص الذي يقله إلى مدرسة الجالية الهندية او البنغالية
كان يعترض طريقي بشكل يومي وأنا ذاهبة إلى دوامي الصباحي وكنت أراه يزداد طولآ يومآ بعد يوم وشهر بعد آخر وسنة بعد أخرى، ذو بشرة بنية فاتحة وملامح آسيوية وشعر أسود داكن ولامع قد دهن بزيت كثير كبقية أبناء بلاده الأم
كان يدور في بالي تساؤل ومازال دون جواب يشفي فضولي، هذا الصغير الذي ينمو بنمو أشجارنا ويكبر بكبر بيوتنا ويشب بين طرقات شوارعنا ويتنفس نفس الهواء الذي أتنفسه ويتنفسه أبناؤنا ويأكل من نفس خيرات بلادنا، هذا الطفل الذي قد يكون ولد في أحد مستشفيات منطقتنا وكتب في شهادة ميلاده الدمام أو الخبر أو القطيف أو غيرها ماذا سيكون غدآ وما هو مصير مستقبله عندنا وقد أتقن لهجتنا وسكنت تفاصيل ذاكرته أيامنا فهو لا يختلف عن أخي السعودي الذي عاش وولد هنا،
فهو يعرف ماذا تعني حارة وبقالة ويعرف كيف يلعب كرة القدم في الملعب الرملي الذي يقابل منزله ويجيد إخراج صوت(الطقطيقة).
هو يأكل المندي والكبسة والفول وخبز التنور والزعتر وربما أتاه صحن هريس من جيرانه ولقيمات فأكلها وعرف طعمها، هذا الذي يشبه في قصته (عيسى الطاروف) يعيش بيننا وعندما يشب ويصبح في عمر الرجولة أي المشاعر تعترية وقد يستأجره أحد أصدقاء الطفولة لإصلاح شيء من منزله أو في سيارته أو يبيعه شيء من نفس البقالة التي كانا يشتريان منها سوية في طفولتهما وإن حالفه الحظ فبالكثير سيكون عاملا في إحدى الشركات ولكن أي هوية يحملها وأي عرفان أو حب يترنم به أمام العلم وأي علم ؟
من المسؤول عن تضارب هذه المشاعر لديه هل هو المكان الذي زرع (الطاروف )الصغير بيننا حتى كبر أم (الطاروف ) الذي قُدِرَ له أن ينمو بنمو ذلك المكان.
(الطاروف ) لمن لا يعرفه هو اسم عائلة بطل مسلسل ورواية "ساق البامبو"
( عيسى ) كويتي المولد والأب وفلبيني الأم عاش غربة الوطن والأهل جاء ليحكي لنا كم طاروف بيننا مثله.
التعليقات 2
2 pings
عبدالمحسن الأحمد
2016-07-03 في 9:24 ص[3] رابط التعليق
مقال موفق احسنتي النشر .. كل الأمر ثقافة مجتمع والمسؤلية تقع على عاتق الجميع والمجمع لن ينصلح حاله إلا بصلاح الفرد لذا الجميع يتحمل المسؤلية
2016-07-11 في 11:48 ص[3] رابط التعليق
أحسنت تعليقآ وتواجدآ بين أسطر المقال