واجبنا نحو القضية الحسينية في البيت والمجتمع والعالم، يعاني الإنسان بشكل عام من مشكلتين: هي المشكلة النظرية،
والثانية: هي المشكلة العملية،
المشكلة النظرية: وهي عبارة عن مشكلة الرؤية،حيث هنالك أسئلة تلح على ذهن البشر،بعضها ثانوية، والبعض الإخر رئيسية تتعلق بهوية الإنسان ومسيرته وهدفه،
والإنسان بطبيعته يبحث عن الحقيقة ويحاول الوصول إلى جواب كل سؤال وإن كان من نصف الاسئلة الثانوية،وهو مانلاحظة من سمات الأطفال الذين يبحثون عن إجابات الاسئلة مختلفة حولهم،لكن إذا لم يجد الإنسان جواباً لهذه الأسئلة سيعيش حالة من الحيرة والتمزق الداخلي،
نقرأ في كتاب مفاتيح الجنان
(...وحيرة الضلالة)،وهذه العبارة دقيقة جداً ففي الضلالة حيرة،
أي الإنسان يكون حائراً لايعلم ماذا يفعل،لا يعلم إلى أين يتجه،وما هو الهدف؟ فنحن مرتاحون لأننا نعلم من أين أتينا وإلى أين نذهب وما هو المسير والمصير،بينما الشاب الذي فقد هويته فإنه يعيش في حيرة لا يعلم من أين أتى وإلى أين يذهب وماهو الشيئ المجهول الذي ينتظره؟،ومثله كمن يضل الطريق وسط الصحراء،
لايعلم أين يذهب وماذا يفعل وماهو المصير الذي ينتظره،ربما بياغته ثعبان من تحت الأرض ويلسعه فيموت،أو أن ينضب عنده الماء فيموت عطشاً،أو ينفذ الطعام عنده ويموت جوعاً،في ظل هكذا حالة يعيش الإنسان حالة من القلق والاضطراب،
لذا جاء في زيارة الإمام الحسين( ع):
ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة)
علائم الضياع الظلالة المعنوية هي كالظلالة المادية،بيد أن الظلالة المعنوية أكثر خطورة،الآن أقصى ماتنتهي إليه الظلالة المادية هي الموت من العطش بسبب التيه في الطريق-مثلاً أما الظلالة المعنوية،
فليست لها أبعاد معلومة أومال واضح،
وهي الحالة التي ابتلى بها شبابنا اليوم ممن فقدوا هويهم،فالذين يتسكعون في بعض مدننا،ربما يكون ظاهرهم حسن،ولكنهم يعيشون في داخلهم أبشع حالات الضياع،وهو أيضاً موجود في الغرب،حيث تخفي المظاهر المادية علائم الضياع الداخلي،
واعتقد أن إحدى العوامل وراء موجة منع الحجاب في الغرب،هو الخوف من الإسلام،لكنه ليس الخوف منه كإرهاب،وإنما الخوف من الإسلام كدين،ولأن الغريبين يعانون حالة ضياع داخلي كبير،فإنهم يبحثون عن وسيلة لتذويب الإسلام في العرب،بكل ماأوتوا من قوة،
المشكلة العملية: تعد المشكلة العملية إحدى أهم المشكلات أمام الإنسان،وفي المجال بحث طويل لا يسعنا المقام الخوض فيه،لكن ثمة كلمة يقولها بعض العلماء وهي: إن مهمة الأنبياء عليهم السلام تتلخص في كلمتين أو مهمتين:
الأول: إيصال جوهر العقل إلى مرحلة الكمال النظري،
أما المهمة الثانية وهي مهمة جداً وعظيمة: هي إيصال جوهر الإرادة إلى مرحلة الكمال العملي،لكن ماذا تعني مرحلة الكمال العملي؟
إذا أراد أحدنا النهوض لصلاة الصبح،فإنه سينظم المنبه على وقت الأذان،فيرن صوت المنبة ويستيقظ،ثم يضع يده على المنبه ويغلقه وينام مرة ثانية،فالمشكلة هنا في الإرادة،إذ أن إرادة هذا الرجل ضعيفة،ولا يتمكن من النهوض من مكانه،طبعاً هذا في إيطار الواجب،وقد يصمم للنهوض لأداء صلاة الليل،فينظم المنبه في الساعة المعينة،أو يقرأ الدعاء المجرب للاستيقاظ في أي وقت يريد:
(اللهم لاتنسني ذكرك ولا تؤمني مكرك ولا تجعلني من الغافلين)،
فيستيقظ من النوم ويفتح عينيه،لكن المخدع الوفير لايسمح له بتركه، يقول القرآن الكريم:
(اثاقلتم إلى الأرض) وهذا( اثاقلتم)
يعني عدم وجود الإرادة،وعدم بلوغها مرحلة ترك الفراش،وهو إيصال جوهر الإرادة إلى مرحلة الكمال العملي،
ومثال آخر،أكثر اشكالاً من المثالين المذكورين،
فإذاكان الأول مشكلاً والثاني أشكل، ويصمم من البداية أن يكون ذهنه عندالله سبحانه وتعالى،لكن ثانية يمكنه الاحتفظ بهذا التوجه؟
ربما نتمكن من تركيز دهننا مع الله تعالى لمدة أربع ثوانٍ فقط،وبعده يكون الذهن مشتتاٍ هنا وهناك، فعدم القدرة على التحكم على الباطن، يعني أن جوهر الإرادة لم يصل إلى مرحلة الكمال العملي،إذن قصية كربلاء هي إحدى القضايا المهمة التي تعطي للمؤمنين على مر التاريخ هذه الطاقة القوية الهائلة،
فقد كانت وراء واقعة الطف طاقة هائلة،فالذي جعل الحر الرياحي
( رضوان الله عليه) في اللحظات الأخيرة يختار هذا الاختيار هو الطاقة والقدرة العظيمة،وهو الذي كان موجوداً أيضاً عند شهداء كربلاء، وهذه المعنويات الهائلة تبقى ترفد المؤمنين على مر التاريخ،لذا فإن كل يوم من الحضور تحت المنبر أو قراءة كتاب حسيني أو التفكير في قضية الإمام الحسين( ع)
تعطينا طاقة باطنية هائلة،
إن قضية عاشوراء هي التي ضخت الطاقة في التحدي والصمود في نفوس المؤمنين،
إذن واجبنا كامؤمنين إزاء القضية الحسينية بعد ذلك علينا أن نتحرك ضمن دوائر ثلاث لأداء واجبنا إزاء قضية الإمام الحسين( ع)
الدائرة الأولى:
البيت ومسؤولية الوالدين إن من المهم جداً أن نصنع من أولادنا وعوائلنا جيلاً حسينيا،وأم نشهدهم بالإمام( ع)،
وأن نجعلهم محبين موالين والهين مشدودين إليه، وهذه المهمة تقع على عاتق الوالدي،
الدائرة الثانية:
المجتمع من مسؤوليتنا حول قضية الإمام الحسين( ع)
طرحها في المجتمع،بحيث يتصدى المجتمع بكل طبقاته وأصنافه لذلك ويهتم بإقامة الشعائر الحسينية،
الدائرة الثالثة:
العالم فمقدار الإمكان ومع وجود الوسائل الجديدة المتاحة،علينا العمل على نشر القضية الحسينية في العالم،لأن هذه الأعمال تجلب البركة في حياة الإنسان بالإضافة إلى آثارها الأخروية،
لذا يجب علينا أن نحاول أن لا نفرط في هذا المجال والأهتمام بالقضية الحسينية،