في عالم تتداخل فيه العلاقات وتتباين فيه النوايا، هناك فئة من الناس لا تتعامل مع الآخرين إلا بمنطق "الاستفادة القصوى". تراهم يقتربون ممن يرونه مصدر نفع، ويبتعدون فور انتهاء المصلحة. هؤلاء لا يعرفون معنى الوفاء، ولا يقدّرون الطيبة إلا بقدر ما تُدرّ عليهم من مال أو وقت أو دعم.
الاستغلال له صور كثيرة:
- من يستغل مالك بحجة القرابة أو الصداقة، ولا يرد جميلًا ولا يحفظ معروفًا.
- من يستغل طيبتك ليمرر بها أخطاءه، أو يبرر بها تقصيره.
- من يستنزف وقتك وجهدك في خدمة مصالحه، دون أن يقدّر تعبك أو ظروفك.
- من يستغل قربك ليحملك ذنوبه، ثم يتنصّل متى ما انكشفت الأمور.
والأخطر من ذلك… من يعرف قلبك النقي، فيتعمّد اللعب عليه، تحت شعارات المودة أو القرب أو الحاجة.
وهنا نقولها بوضوح: *إذا كان حبيبك عسل… لا تخلّيه يلحسك كله!
نعم، الطيبة نعمة، لكن السذاجة ليست كذلك.
العطاء جميل، لكن إذا تجاوز الحدّ أصبح ضعفًا.
والقلوب النقية لا يُفترض بها أن تُستَغل، بل أن تُحتَرم.
قف مع الناس وساعدهم، لكن بحدود المعقول. لا تجعل تعاطفك يدفعك للتضحية باستقرارك، أو إلى الاقتراض والدين لتساعد غيرك. لا يُطلب منك أن تدفع مئات الآلاف من الريالات، فقط لتثبت طيبتك. التوازن في العطاء حكمة، ورفض الاستغلال وعي.
وليس المستغِل وحده مذنبًا، بل من يصفّ معه، ويخطو معه خطوة بخطوة، فهو شريك في الجريمة.*
الساكت عن الظلم، أو المصفق له، لا يقلّ خطرًا عن الظالم نفسه.
والمبرر لسلوك المستغِلين، يُسهِم في تعميق جراح المظلومين، ويمنح المستغِل شرعية زائفة ليواصل استنزافه.
علّم الناس كيف يعاملونك، لا بكثرة التضحيات، بل بوضع الحدود.
امنح، لكن بوعي.
ساعد، لكن دون أن تمحو نفسك.
قف مع الناس، لكن لا تجعلهم يركبون ظهرك.
الحياة شراكة، لا استغلال.
*والمحبة توازن، لا استنزاف.*
كن طيبًا… لكن لا تكن ضحية.




